دعا صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للدراسات والبحوث الإسلامية إلى "التأسيس لجزيرة عربية موحدة، ومجلس شورى منتخب لدولة واحدة وقوة عسكرية واحدة واقتصاد واحد وعملة واحدة، (...) ومناهج تعليمية واحدة، وإقامة صناعات طاقة وبتروكيماويات واحدة". وقال الفيصل خلال كلمة ألقاها الاثنين 5ديسمبر 2011 أمام منتدى "الخليج والعالم" انه "علينا الالتفات أيضا إلى أوضاعنا الداخلية في دولنا والتفكير في مستقبلها وإجراء ما تتطلبه المرحلة من إصلاحات على جميع الأصعدة لتحصين داخلنا"، مؤكدا انه "لن تكون هناك فاعلية خارجية دون داخل فاعل".
وأكد أنه يتعين على دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الإسراع في تحقيق الوَحْدة السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية التي تعززُ موقفها نظراً لأهمية منطقة الخليج الإستراتيجية والاقتصادية للعالم. وقال سموه إن دول مجلس التعاون الخليجي يجب أن تكون فاعلة وقوية في جميع التفاعلات الدولية حول قضايا المنطقة وألا تكون مُرتهنة لتقلبات السياسة الدولية . وأضاف في الكلمة التي ألقاها الاثنين خلال الجلسة السادسة والأخيرة من جلسات منتدى الخليج "الخليج والعالم" تحت عنوان "التوقعات والنظرة إلى المستقبل"، إننا، وبعد أكثر من ثلاثين عاماً من تأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربية، مطالبون بإعادة التفكير في أهدافنا للتكامل والتنسيق بين دولنا للارتقاء بها وبدورها في العالم؛ لاسيما وأنَّ الظروفَ والتطوراتِ المحليةَ والإقليميةَ والدوليةَ تفرض ذلك. ولفت سموه الإنتباه إلى أهمية قراءةَ منطقتنا لمتغيراتِ عالمنا المعاصر وما شهده من تحولات جذرية على جميع الصعد: الفكرية، والإعلامية، والسياسية، والاقتصادية، والمالية، والاجتماعية، والأمنية، لأنها بمثابة التحدياتٍ للجميع، إلى جانب قراءة التعاملِ معها وتوجيهها نحو الخير إن كانت خيراً، وتجنُّب شرِّها إن كانت شرّاً. وأفاد أن دول المجلس ملتزمة بإقامة منطقة في الشرق الأوسط محظورة الأسلحة ذات الدمار الشامل، مشيراً إلى أنه يجب على دول المجلس أن تتقدم في مسيرتها كتكتلٍ إقليميٍّ متحدٍ يسير بثقة ليكون قوةً مكتملةَ العناصرِ وتعمل للخير في هذا العالم،وإجراءُ ما تتطلبه المرحلةُ من إصلاحاتٍ على جميع الصعد . ودعا سموه إلى مراجعةَ الخطط التنموية لدول مجلس التعاون ليكون المواطن مِحْوَرَها، ولترقى به ليكونَ على مستوى الطموح الذي نتطلعُ إليه في وحدتنا المشتركة، فاعلين ومؤثرين للتطورات من حولنا. وأورد سمو الأمير تركي الفيصل، عدد من التطلعات عَمَّا تستطيعُ دول مجلس التعاون الخليجي إنجازَهُ خلال المستقبل القريب بإذن الله . وختم كلمته في هذا المحور الخاص بالإصلاحات بالقول " إنَّ التحدياتِ كبيرةٌ ومتنوعةٌ، والمسؤولياتِ عظيمةٌ؛ ولكنها ليست عصيَّةً على الحل، وإنْ أحسنَّا الخيارات والوسائل فسيكون مستقبلنا كما نريده". وفي سياق آخر ألمح الرئيس السابق للاستخبارات السعودية الأمير تركي الفيصل إلى احتمال أن تسعى المملكة لامتلاك أسلحة نووية لان العالم فشل في إقناع إسرائيل وإيران بالتخلي عنها. وقال الفيصل امام المشاركين في مؤتمر "الخليح والعالم" في الرياض "فشلت جهودنا وجهود العالم في اقناع اسرائيل بالتخلي عن اسلحة الدمار الشامل وكذلك بالنسبة لتسلح ايران بنفس الاسلحة (...) فلا بد لنا بل من واجبنا تجاه اوطاننا وشعوبنا ان ننظر في جميع الخيارات المتاحة ومن ضمنها حيازتنا لتلك الاسلحة". واضاف ان "امن اي منا هو امن لنا كلنا واستقرار اي منا هو استقرار للجميع، ومصيبة تصيب ايا منا هي بلاء على الجميع". وكان أحد كبار المسؤولين السعوديين أعلن قبل أشهر اعتزام بلاده بناء 16 مفاعلا نوويا بحلول عام 2030، الأمر الذي أثار تساؤلات حول "قدرة" الرياض على مواجهة طموح طهران النووي. وذكر عبد الغني مليباري منسق التعاون العلمي لمدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة أن السعودية تعتزم بناء 16 مفاعلا نوويا بحلول عام 2030 وذلك بتكلفة قد تتجاوز 100 مليار دولار. ونقلت صحيفة "عرب نيوز" عن مليباري قوله "بعد عشر سنوات سنكون قد انتهينا من بناء أول اثنين من المفاعلات". ووصفت مجلة "نيوزويك" سعي السعودية الى امتلاك الطاقة النووية أسوة بالعديد من الدول النامية لمواجهة ارتفاع الطلب على الطاقة الكهربائية، يفتقر الى "الشفافية". وكان مسؤول سعودي نفى في وقت سابق سعي بلاده إلى سباق التسلح في المنطقة، مؤكدا أن امتلاك أسلحة الدمار الشامل ليس من مصلحة اي دولة في المنطقة. وقال الأمير الدكتور تركي بن محمد بن سعود الكبير وكيل وزارة الخارجية للعلاقات متعددة الأطراف ردا على سؤال حول سباق التسلح في المنطقة، إن "المملكة العربية السعودية لا تسعى إلى ذلك وسياستنا واضحة وهي تعزيز جهود جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل"مؤكدا أن "التسابق نحو امتلاك هذه الأسلحة ليس من مصلحة أي دولة". واضاف الأمير تركي في معرض إجابته عن سؤال حول الملف النووي الإيراني" إننا نأمل في حل هذا الملف على نحو سلمي وودي وبالأساليب الدبلوماسية، مع إيماننا بأحقية أي دولة في استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية".
ويرى محللون سواء كانت طموحات السعودية النووية سلمية أم لا، فانها ستؤثر بشكل كبير في منطقة الشرق الأوسط وخارجها. ويؤكدون قلقهم من الطموح النووي للمملكة الغنية المحاطة ببلدان فقيرة، خصوصا وانه يفتقر الى شفافية البرنامج النووي لحكومة أبوظبي بعد اتفاقية التعاون النووي التي وقعتها مع الولاياتالمتحدة الاميركية وكوريا الجنوبية.