ما يربط دول الخليج بإيران ليس فقط رباط الجغرافيا والتاريخ والدين، إنما أيضًا المصالح المشتركة في خليج مستقر وآمن ومزدهر تسود بلدانه أجواء التعايش والتعاون المشترك والاحترام المتبادل، لذا فإن دول مجلس التعاون الخليجي الست وعلى رأسها المملكة ظلت تدعو إلى حل الملف النووي الإيراني بالوسائل السلمية والطرق الدبلوماسية والسياسية، مؤكدة دعوتها بتجنب اللجوء الى القوة لمعالجة هذا الملف، وأيضًا رفضها النظر إلى الملف النووي الإيراني المثير للجدل بمعزل عن امتلاك إسرائيل للسلاح النووي، وذلك من خلال المطالبة بجعل منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية ليس فقط من الأسلحة النووية، وإنما أيضًا من كافة أسلحة الدمار الشامل، وضرورة إخضاع المنشآت النووية الإسرائيلية للتفتيش من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية وانضمامها لمعاهدة حظر الانتشار النووي، مع التأكيد على حق إيران ودول المنطقة في امتلاك التكنولوجيا النووية للأغراض السلمية والصناعية. دول المجلس وهي تتابع تطورات الملف النووي الإيراني بعد اتفاق تبادل اليورانيوم الذي وقع مؤخرًا بين وزراء خارجية إيران وتركيا والبرازيل بحضور قادة الدول الثلاث، تدرك جيدًا أن جيرتها لإيران واقع جغرافي أزلي يستوجب التقيد بأخلاقيات الجيرة من منظور إسلامي، وهى تتطلع إلى موقف إيراني لا ينطلق من نزعة ماضوية، وإنما على أساس المشترك الحضاري الذي يقوم على الحوار والتعايش والتعاون الذي يدعم ويخدم مصلحة شعوب المنطقة ككل. الواضح في ضوء تطورات البرنامج النووي الإيراني الذي يرى أن الخيار العسكري ضد إيران لم يعد قائمًا في الوقت الراهن على الأقل، وأنه رغم تأجيل قرار مجلس الأمن بفرض عقوبات قاسية على إيران بعد تراجع روسيا والصين وترحيب الأممالمتحدة بالاتفاق، فإنه لا مفر من فرض تلك العقوبات في نهاية المطاف وفق ما يراه المراقبون، بما يتطلب من طهران الالتزام بمبادئ الشرعية الدولية والتأكيد على الطبيعة السلمية لبرنامجها النووي، وتطبيق اتفاق تبادل اليورانيوم الذي قامت بالتوقيع عليه قبل أيام، و العمل على توثيق علاقاتها بدول الجوار بعيدًا عن التدخل في شؤونها واحترام أسس ومبادئ القانون الدولي .