قد تجد نفسك في وقت ما تنغمس في الوحدة بلا سبب ، فتمل الأنشطة التي كانت تمتعك ، وتسأم الصفحات والكتب التي كنت تقضي معها الوقت . .وقد تحجبك جدران العزلة مع مرور الأيام . وينسج الصمت سوراً يفصلك عمن حولك ، لتحاور ذاتك بلا قيود ، وتنساب ومضات الضوء من داخل أعماقك،وتتناغم روحك مع ذاتك في انسجام داخلي رائع،وتسمع صدى صوتك يهمس بداخلك في هدوءٍ عجيب،ويغفوا معه جسدك دون أن تشعر به،ويحتضن الفكر أحلامك الجميله بقوة ليباغتك شعوراً غريب و كأنك وجدت نفسك لأول مره تلم شتاتها وسط الزحام!،وتسمع صوتها في خضم الضجيج،وتحتضنها في أشد حالات الانكسار. وبين أكوام الصمت المحيط بك تسأل نفسك أين كنت عن نفسي كل هذه السنين؟ولما أرغمتها على الخضوع لآراء الآخرين؟ولما سجنتها في دائرة الأوهام ؟،وحبستها في هواجس الخوف؟ولما حكمت عليها أن تقبل ما ترفضه؟وتذعن لما تهابه؟وتستسلم لما تهواه؟ فأصبحت حبيسة الخوف،مغتصبة الإرادة،مسلوبة الرأي،مسجونة في زنزانة الأوهام،تخشى النقد وكأنه نهاية الحياة!،وترى في الزلل سقوط لا قيام منه! . ترى العالم بعيون الآخرين، تستحسن ما استحسنوه، وتستقبح ما استقبحوه، وترتاح لما ارتاحوا له. تسأل نفسك لما أجهضتُ لحظات الفرح في عز سعادتي بها؟ولما كتمتُ صرخات الألم في أقسى مراحل الوجع ؟ ولما وأدتُ أفكاري قبل البوح بها؟ لما فرحتُ بلا أحساس ؟ ،وتألمتُ بلا وجع؟وبكيتُ بلا دموع؟ ، كان لي حرية الطير في الفضاء لما اخترت قيود الأرض ؟، وكانت في طريقي السنابل الذهبية لكنني اكتفيت بالقشور اليابسة ؟وكانت بجانبي بحيرة فرات لكنني تجرعتُ ملوحة الوحل ؟ كم منا عاش سنوات وهو حبيس شرنقة صنعها الآخرون له ! ،يظن أنها الحياة يكبر فتنكمش عليه ،كلما حاول تمزيقها زادت قسوتها ، وكلما أرتفع جذبته للأرض ، وكلما أراد التعبير كممت فمه . كم من السنوات نحتاج لتمزيق الشرنقة الضيقة التي وضعنا فيها! ، وأصبحنا ننظر للحياة من خلال ثقابها المتهالكة ، نتشرب منها قيمنا ، وفي حدودها نرسم سعادتنا . جرب أن تعيش وحدك مع الآخرين بكل ما فيك من بشرية تنزع للخير لكنها قد تفعل الشر ، تنادي بالكمال ولكن قد لا يظهر منها ذلك ، قد تجيد الكلام ولكن لا تحسن الأفعال . بكل ما فيك من دوافع ترتقي بك للاحسان ، العفو ، المحبة .وفي ذات الوقت كل ما فيك من دوافع لا تخلو من الحماقات ، وارتكاب الأخطاء ، وفعل الزلل . أمل الحربي رابط الخبر بصحيفة الوئام: وحدي مع الآخرين