تطرق كتاب الأعمدة بالصحف السعودية الصادرة اليوم الأحد للكثير من القضايا الهامة على الشارع السعودي حيث تناول الكاتب بصحيفة الشرق صالح الحمادي أزمة خريجات التربية والتعليم وقال أن المهارات التربوية التي اكتسبتها الخريجات طوال فترة الدراسة ضاعت وكما ضاعت الخبرات المتراكمة، وأصبح الطابور الطويل عامل تعرية للعقل وتقاطيع الوجه، ولم تعد تفرق عندهن ثلاث سنوات مقبلة أو تسع فالمحصلة انهيار نفسي وتعذيب معنوي وفقدان مناعة «العدالة» التي ذهبت للخريجين من الرجال وضلت طريقها عن الخريجات المغلوبات على أمرهن. محمد المسعودي من مزق كتب الدين؟! حتى "مواد الدين" لم تسلم من إفرازات السلوك النفسي والقهري لطلابنا، ومخرجات 12 عاما لم تحم مناهج 5 مقررات دينية من الرمي والتمزيق، وما ذاك سوى أحد مخرجات تعليمنا! المحصلة المؤلمة منذ بدء تعليمنا، بقاء "الاختبارات" كأداة تمارس بكل (إرهاب) في استنزاف وقتل روح الإبداع الكامن في طلابنا، ولتشارك عنوةً في نفورهم مع مدارس (طاردة) في الأصل.. يؤيد ذلك أسفاً مشاهد مكرورة تبدأ باستنفار أسري كلزمة سعودية وهاجس كبير للمجتمع وأمنه.. وعامل مهم في تهديد مستقبل الطلاب العلمي ويتعداه إلى النفسي والسلوكي لنقرأ محاولات غش مستميتة بطرق إبداعية، وتجمعات طلابية وحوادث (درباوية)، وسوق مخدرات… لتنتهي أسفاً بتمزيق الكتب الدراسية (انتقاماً) بعد الخروج من قاعة الامتحانات مباشرة، في أسوأ منظر يشوه العملية التعليمية برمتها! مواد الدين لم تسلم من السلوك النفسي القهري لإفرازات ومخرجات تعليمنا، فلم تفد اثنا عشر عاماً وخمسة مقررات دينية، ولم تشفع برمي وتمزيق كتب مقدسة تحمل آيات قرآنية وأحاديث نبوية بامتهان مقيت في كل زوايا المدرسة وما حولها.. ورغم علمنا بأن الحلول الموضعية ليست حلاً، ولكن على الأقل حتى يأتي (الفرج) من عند الله، فيمكن وضع تأمين سنوي للكتب ولا يسترجع لولي الأمر إلا بعد تسليم الكتب. درجات السلوك يمكن تفعيلها كذلك. وفي منعطف قنوات التواصل الاجتماعي وأجهزة المعلمين والطلاب الهاتفية، نجدها أصبحت مرتعاً خصباً تتناقل فيه نماذج متنوعة من غرائب ونوادر التعليقات المدونة على أوراق الإجابات بمنأى عن مادة الاختبار لتسلك طرقا مختلفة تضجراً من صعوبة أسئلة الاختبار، وأخرى يحفها طابع التودد والاستعطاف، وثالثة يائسة من تجاوز الامتحان، وأخرى تسلك جانباً "درام_كوميدي" يجعلك تبكي فجيعة مما وصلت إليه الإجابات كدليل على مخرجات تعليمنا المستنزف بدءاً من الاستهتار بالتعليم، وخذلان لطموح الغد، وأخطاء نحو تعليمنا وطرقه ومناهجه حتى قياسه بورقة بيضاء جعلنا منها قصةً تتحكم في مستقبل أبنائنا وعقولهم. (الاختبارات) خطرٌ تعلُّمي حذر منه كثير من علماء التربية والنظم التعليمية الدولية وانتقدتها كأداة حاكمة (وحيدة) مقيّدة للإنسان في دراسته بالنجاح والفشل، والحكم على معرفته وخبرته واتجاهاته واستعداداته ونشاطه، ولكن تعليمنا يأبى إلا أن (يقَدّس) الاختبارات ويجعلها ركناً وحيداً، أهمل فيه بقية طرق القياس وأساليب شمولية تتناول مساحات مستويات التعلم التي اكتسبها الطالب من خلال دراسته لعام كامل كمطلب تعليمي حديث وعادل في نفس الوقت! نتيجة اختبارات طلابنا ليست المقياس الوحيد لتعليمهم وتعلمهم، وهي لا تعني أيضاً أن الطالب الذي يكون تحصيله متدنياً هو طالب ضعيف علمياً ولم يتعلم أو تتقدم خبراته وقدراته واستعداداته، والعكس كذلك، ليبقى السؤال الأهم بطرحه علمياً ومنطقياً، هل النتائج (العلامات) التي يحصل عليها الطالب في مدارسنا تعكس وتمثل واقعه المعرفي والمهاري فعلاً؟ في ظل المعطيات السابقة، يؤلمنا كثيراً حد الدهشة تلك الممارسات المكرورة "فصليّاً" لطلابنا دون حلول ملموسة أو انتفاضة من قبل وزارة التربية والتعليم لدراسة هذه الظواهر وإعادة النظر بطريقة علميّة بحثيّة في بيئاتها التربوية الطاردة، بمعالجة تطبيقية لا "تعميمية" بخطط مدروسة حفظناها عن ظهر غيب قد تلحق بمشروع "تطوير" الذي ما زلنا على أمل اللقاء به يوماً!.. وحتى ذلك اليوم فلنسأل أنفسنا.. ما الذي حدا بطلابنا جرأةً واستهتاراً نحو العملية التعليمية بتلك الظواهر السلوكية؟ ومن مزق كتباً وصل إلى كتب مقدسة؟ وكيف أصبحت المؤسسة التربوية شريكاً في نمو تلك الظواهر؟ ومتى تعود للتعليم هيبته بدءاً من المعلم حتى أوراق الإجابات؟ أما الحلقة الأقوى.. فمتى تكون مدارسنا بيئة جاذبة في ظل ضبابية قرارات وتعاميم متهالكة جعلت من تعليمنا بيئة طاردة حتى تاريخه؟! صالح الحمادي عاماً ضاعت وسط الزحام كتبتُ من قبل عن مرور عشرين عاماً على طوابير انتظار خريجات وزارة التربية والتعليم وهن ينتظرن تعيينهن في نفس الوزارة التي أشرفت على تدريسهن وتخريجهن، والآن مددت اللجنة فرصة تصحيح وضعهن ثلاث سنوات مقبلة، وقد تصل إلى تسعة وعشرين عاماً تضيع في زحام الطوابير على بوابة الوزارة. ضاعت المهارات التربوية التي اكتسبتها الخريجات طوال فترة الدراسة، وضاعت الخبرات المتراكمة، وأصبح الطابور الطويل عامل تعرية للعقل وتقاطيع الوجه، ولم تعد تفرق عندهن ثلاث سنوات مقبلة أو تسع فالمحصلة انهيار نفسي وتعذيب معنوي وفقدان مناعة «العدالة» التي ذهبت للخريجين من الرجال وضلت طريقها عن الخريجات المغلوبات على أمرهن. كان أمام وزارة التربية حلول «عادلة» أفضلها فكرة مناصفة الوظيفة لعمل التوازن الوظيفي والأسري، فبالإمكان وضع خريجتين على وظيفة واحدة بنصف الراتب، بحيث تداوم كل واحدة منهن فصلاً دراسياً، والإحالة على التقاعد بعد عشرين عاماً، وبالتالي كان هذا الطابور الطويل الذي مضى عليه عشرون عاماً على أبواب التقاعد بدلاً من الانتظار حتى سن اليأس. الآن أمامنا أوامر سامية بخصوص مشكلة هذا الطابور الطويل، ولدينا حل جديد من لجنة قتلت الأمل من الوريد إلى الوريد ربطت الخريجات والبديلات بعملية قيصرية خلال ثلاث سنوات لا يعلم نجاحها إلا الله، فهل هذا يعني انتهاء الأزمة أم «التمييع» لتكتمل أنشودة 29 عاماً ضاعت وسط الزحام؟.. طابور النسوان أمامه «قياس» وحِلُّوها. محمد الحربي العنف الأسري مسموح من 10 إلى 8 صباحا من أغرب الأشياء التي مرت علي وعجزت عن إيجاد تفسير منطقي لها يقنعني أن العيب في «مخي» أنا، وفي تفكيري القاصر العاجز عن إدراك حقيقة الأشياء كما هي في الواقع، هو رقم «1919» المخصص للإبلاغ عن حالات العنف الأسري، فهذا الرقم الذي استبشرنا أن يكون حلا مؤقتا «نص العمى ولا العمى كله»، لحين الإفراج عن نظام حماية المرأة والطفل، اتضح أنه رقم لا يختلف كثيرا عن أرقام شركات الاتصالات والخطوط السعودية، وكأنهم جميعا متقاولون مع نفس الشخص الذي يرد على هذه الأرقام، والذي ليس لديه سوى عبارة واحدة: «الموظفون مشغولون في خدمة عملاء آخرين، الرجاء الانتظار لحين تمكن الموظف من الرد عليك»، ولم أجد سببا واحدا يقنعني أن هذا الرد الذي ترغم على سماع تكراره ليس لدقائق بل لساعات قادر على حمايتك من العنف، وربما إنقاذك من الموت. وليست الطامة هنا، ولكن المصيبة العظمى عندما تتصل بعد الساعة العاشرة مساء، ليصعقك المجيب الآلي بأبرد رد يمكن لك أن تسمعه في حياتك: «انتهى وقت الدوام الرسمي، اتصل من الساعة 8 صباحا وحتى 10 مساء لنتمكن من خدمتك»، وكأنك تتصل على شركة جوالات أو مكتب سفريات وليس على جهة حكومية معنية بتلقي البلاغات ضد العنف الأسري!!. فهل هذه رسالة من الشؤون الاجتماعية أن العنف الأسري مسموح ما بين العاشرة مساء وحتى الثامنة صباحا، أم ماذا؟! وإلا ما سر عدم استقبال البلاغات في هذا التوقيت؟! هل أجرت الوزارة بحثا ميدانيا تأكدت من خلاله أن لا حالات عنف أسري في هذا التوقيت؟! أشك في ذلك. ما المعجز في أن يستقبل الرقم البلاغات على مدار الأربع وعشرين ساعة طيلة أيام الأسبوع؟! أليس هذا هو المنطقي؟! هل هو نقص في إمكانيات الوزارة عن إيجاد موظفين؟! أشك في ذلك أيضا، ولكن إن كان كذلك، لماذا لا تتعاقد الوزارة مع شركة على الأقل لتولي الرد على البلاغات؟!. العنف الأسري خطر حقيقي يهدد أرواح أبرياء، وقد تسلب منهم حياتهم في لحظة غفلة مسؤول، أو تهاون موظف، أو حتى عدم مبالاة جار لم يستنصر لمظلوم في جواره. هذا الخطر الحقيقي لا يجب أن نتعامل معه ببلادة، لأن أرواح الناس ليست رخيصة. رابط الخبر بصحيفة الوئام: أعمدة الرأي: العنف الأسري مسموح من 10 إلى 8 صباحا