بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى و انتصار الثورة البلشفية في روسيا تغيرت الكثير من موازين القوى العسكرية و تلتها السياسية. و ظهرت تحالفات جديدة على اساس المصالح المشتركة. نتجية لتلك المتغيرات و المستجدات آنذاك تغيرت بعض خرائط منطقة الشرق الاوسط و غابت بعض الدول من الخارطة. الأحواز كانت احدى الدول التي راحت ضحية تلك التحالفات. كانت بلاد فارس (إيران 1936) في القرن الماضي أحدى مواقع النزاع من اجل السيطرة عليها بين قوتي الغرب و الشرق والتي تمثلت في ما بعد بقوتي الرسمالية و الشيوعية. و إستخدمت الجهتين شتى الطرق لجر بلاد فارس في أحضانها آنذاك. تمكنت القوة الشيوعية من كسب طهران لصالحها بعد ما قدمت لها بعض الإمتيازات و منها التنازلات عن بعض القرارات المفروضة على بلاد فارس من قبل الدولة الروسية التزارية نتيجة لمعاهدتي “غلستان” و “تركمنجاي”.إكتشاف البترول في الأحواز عام 1908 وعملية إستخراجه في ما بعد وزحف الاتحاد السوفيتي تجاه المياه الدافئة في الخليج العربي و خوف الغرب الراسمالي بشكل عام و بريطانيا العظمى بشكل خاص من ذلك الزحف, جعل الغرب ان يخطط بوضع سدا للحيلولة دون وصول الثورة الشيوعية لتلك المنطقة الحيوية. فحينها و من اجل جر طهران من احضان الروس و وضعه في احضان الدول الغربية ليصبح حليفا و حاميا لمصالحهم في المنطقة, قدمت بريطانيا العظمى, الأحواز على طبق من ذهب لبلاد فارس. بقت بلاد فارس حليفا إستراتيجيا للغرب و ابتعدت عن الاتحاد السوفيتي و الحلف الشيوعي حتى سقوط النظام البهلوي عام 1979 رغم محاولات الاتحاد السوفيتي لسحب ايران مجددا لأحضانها من خلال التخلي عن جمهوريتي اذربايجان و مهاباد (الكردية) الشيوعيتين التي اعلنتا عن استقلالهما عن ايران إثناء الحرب العالمية الثانية. توجهت إيران بعد تغيير موازين القوى في العالم نتيجة سقوط الإتحاد السوفيتي و حلف وارسو بقيادة مسكو, سقوط النظام البهلوي في ايران, تصاعد النزعة التوسعية الفارسية بحلم بناء إمبراطورية فارسية و أزمة ملف إيران النووي, توجهت رويدا رويدا نحو الدول الشيوعية و بنت معها أفضل العلاقات و التحالفات السياسية و الإقتصادية و حتى الأمنية. و لم تغير طهران من توجهها ذاك حتى بتقديم بغداد لها بعد إحتلالها عام 2003 من قبل الغرب. اذا كانت الدول الغربية سلمت الأحواز لبلاد فارس آنذاك و مكنتها من بناء دولة اقليمية قوية من أجل مصالحها ولم تكن لها اي دولة اقليمية أخرى آنذاك تلعب لها هذا الدور. اليوم تغيرت كل الموازيين و أصبحت في المنطقة دولة تسمى “إسرائيل” لعبت و تلعب للغرب الدور المطلوب حاضرا و مستقبلا. و أمست إيران لا تلبي هذه الحاجة للغرب فحسب بل تحالفت مع أعداء الغرب التقليديين و أستخدمت ثروات الاحواز و مكانتها المميزة لتصدير الإرهاب و التوسع على حساب شعوب المنطقة وأصبحت تشكل خطرا حقيقيا للأمن و السلم الدوليين. تفكيك إيران من خلال إسترجاع الحق لأهله في إطار حق تقرير المصير للشعوب غير الفارسية و الرازحة لإحتلال إيران هو الضمان و الطريق الأمثل للمصالح الغربية من خلال بناء تحالفات إستراتيجية بعيدة المدى مع دول حديثة الولادة مثل الأحواز و أذربايجان الجنوبية على غرار دول إتحاد السوفيتي و إتحاد اليوغسلافي السابقين. من خلال متابعة سياسة الدول الغربية تجاه الشعوب غير الفارسية في إيران, منها دعوة نشطاءهم للبرلمانات الأروبية و مؤسساتهم المهمة مثل الأممالمتحدة و غيرها و إداناتهم الصريحة لإيران بما يخص قمع تلك الشعوب و إنتهاك حقوقهم إن دل على شيئ فهو يدل على تغيير السياسة الغربية تجاه إيران. وتشير المستجدات المتسارعة في الساحة السياسية الإقليمية و الدولية بتوجه تلك الدول نحو رسم إستراتيجية جذرية تلبي حقوق الشعوب الرازحة لإحتلال إيران من جهة و المصالح الحيوية للدول الغربية من جهة أخرى. و للدول العربية و خاصة الخليجية منها مصالح كبرى في هذا النهج. و يمكن لها أن تلعب دورا مهما في هذا المصير المحتوم, حيث الدول الغربية غيرت من نهجها السياسي على اساس المتغيرات على أرض الواقع الذي بدءت تفرضه الشعوب غير الفارسية و على رأسها شعبي الأحوازي و الأذري و هي التي سترسم دون شك بتضحياتها, الخريطة السياسية المقبلة للجهات الإقليمية و الدولية و تضمن مصالحهم. حسن راضي الأحوازي رابط الخبر بصحيفة الوئام: الأحواز والغرب وضرورة إعادة رسم التحالفات