حسن الشمراني كنت في أحد المناسبات الاجتماعية عندما همس في أذني أحد الأصدقاء بسؤاله المفاجئ قائلاً : هل تعتقد أنه لايزال لنا دور في تربية أبناءنا أم أن هذه الأجهزة الذكية ومواقع التواصل الاجتماعي أصبحت هي المربي وهي الموجه لأبناءنا ؟ قال ذلك بعد أن رأى أن بيد كل شاب جهاز جوال يمثل أحدث ماأنتجته لنا التقنية الغربية والشرقية يقلبه كيف يشاء ويبحر فيه أينما يشاء ، قلت له ياصديقي لقد طرحت سؤالاً كبيراً وعميقاً ويحتاج منا إلى إجابة أكبر وأكثر عمقاً . لقد اتسعت الحواجز بيننا وبين أبناءنا رغم تقارب الأجساد فأنت ترى الأسرة كلها في بيت واحد وتحت سقف واحد ولكن هيهات أن يجتمعوا فكل واحد منهم يحلق في عالمه الخاص وعبره جهازه الخاص فهذا شاب تأخذه أحلامه إلى عالم خفي يسير في طرقاته ويعرف منحنياته وتعرجاته وهو جالس إلى جوار أبيه وبين أهله وإخوانه ، وتلك فتاة تسافر بها أوهامها إلى عالم من التمرد والحرية المطلقة فتغرق في أوحالها وتتردى في دياجيها وظلماتها فتبتزها الذئاب وتخدش كرامتها الثعالب وهي قابعة في أقصى زوايا بيتها وإلى جوار أمها. لقد أصبحت البيوت مأوى للأجساد فقط أما العقول فقد هاجرت إلى شتى بقاع الأرض وسافرت لاهثة تبحث عن طيف شارد أو مقطع فيديو لم يكتمل ، فيما أصبحت سلطة الأب على أبناءه أثراً بعد عين وسراباً يحسبه الظمآن ماءً ولكي تتعرف على مدى خطورة هذا الأمر وتقف على حقيقته فما عليك سوى أن تراقب أبناءك أو إخوانك عن كثب وستجد أن كل واحد منهم لايكاد يرفع عينيه عن شاشة جواله أو شاشة جهازه المحمول ، فتراه يضحك تارة ويقطب جبينه تارة أخرى وربما سيخالجك الشك حينها بأن مساً شيطانياً قد تلبس أبنك أو أخوك على حين غره. إن أجهزة الجوال الحديثة لم تعد مجرد أداة للتواصل فحسب بل لقد أصبحت وبما تحويه من تطبيقات تقنية حديثة ومتعددة هي المربي لأبناءنا شئنا أم أبينا وهي المرجع الذي يحتكمون إليه وهي الوعي الإدراكي الذي تختزنه ذاكرتهم على مرّ الأيام ، والخطير في الأمر أن كل شيء أصبح متاحاً وبالإمكان مشاهدته بغض النظر عن عمر من يشاهده أكان صغيراً أم كبيراً طفلاً أم طفلة ، شاباً أم شابة فمقاطع البرودكاست المشبوهة وغير المشبوهة تتنقل بين القروبات بسرعة البرق لتملأ عقول أبناءنا بالغثاء ونحن لانزال نعتقد أننا نمتلك السلطة وأن زمام الأمر لايزال بأيدينا وما علمنا أن الهوة تزداد وتكبر يوماً بعد يوم بين الأب وأبناءه وبين الأم وبناتها . ولن نعدو الحقيقة إذا قلنا أن سلطة الأسرة قد أصبحت في مهب الريح بل لقد أصبحت كخيال المآته فهي لاتحمي زرعاً ولاتمنع طيرا. تويتر @hasan8hasan رابط الخبر بصحيفة الوئام: سُلطة الأسرة في مهب الريح