لاتذهبوا بعيداً فعالم التشبيك الذي أعنيه ليس هو ذلك الشاب الذي يتعقب الفتيات في الأسواق بهدف إيقاعهن في حبائله الإغوائية ، أو تلك الأرقام التي تعلق على الزجاج الخلفي لبعض السيارات الشبابية بهدف إغراء الجنس الآخر وتكوين علاقات متعددة وغير محمودة العواقب في كثير من الأحيان ، فعالم التشبيك المعني في هذه المقالة هو عالم الشبكات والمواقع الاجتماعية من فيس بوك وتويتر ومدونات وخلافها والتي ملأت الدنيا وشغلت الناس وأصبحت أخبارها كالموج المتلاطم ومضامينها كالرمال المتحركة فوقع الكثيرون تحت تأثيرها وأصبح أسيراً لها ومدمناً على متابعة كل مايكتب فيها. لقد أتاحت شبكات التواصل الاجتماعي الفرصة للغالبية من الناس أن يعبروا عن أرائهم ومعتقداتهم بكل حرية بعيداً عن مقص الرقيب ، كما أنها منحتهم الفرصة أيضاً لمشاركة الآخرين أرائهم والتعليق على المضامين التي تدون عبر هذه المواقع إما بالسلب أو الإيجاب وهو الأمر الذي جعل بعضاً من هذه المواقع ساحة لتصفية الحسابات واتخاذها منبراً لنشر فضائح الآخرين تحت ستار الأسماء المستعارة ،وبطبيعة الحال فإن هذا لاينفي أن هناك الكثير منها قد اكتسب مصداقية وموثوقية لدى عدد من زوار الشبكة العنكبوتية وذلك لما يكتب فيها من معلومات ثرية ومايدوّن فيها من إبداعات أدبية وثقافية رائعة . وإضافة إلى ماأتاحته هذه المواقع من حرية للأشخاص في التعبير عن ذواتهم وارائهم فإنها أصبحت كذلك بمثابة مؤسسات إعلامية متحركة تنقل لنا الأخبار والصور ومقاطع الفيديو من مواقع الأحداث من دون أن تمر هذه الأخبار على حارس البوابة ذلك الحارس الذي يبدو أنه أصبح شيخاً هرماً مقعداً لايقوى على المتابعة والمراقبة لكل ماينشر عبر هذه المواقع وما حادثة انفجار شاحنة الغاز في مدينة الرياض إلا مثال صارخ على ذلك .ولقد أصبح المواطن هو المستقبل والمتلقي في نفس الوقت وأصبحت المادة المعروضة عبر هذه المواقع تخضع لحكم الجمهور مباشرة فهو الذي يفرز الغث من السمين وهو الذي يقرر اختيار المعلومة التي تناسبه وتهميش الأخرى التي لاتناسبه ، وعلى الرغم من كل هذه المميزات التي تحلّت بها هذه المواقع إلا أن جوانبها السلبية أصبحت هاجساً يؤرق المجتمعات ويزعج الكثير من الحكومات وذلك لاستغلالها من قبل البعض في التحريض وبثّ الإشاعات والأراجيف بين أفراد المجتمع مما يستدعي أن تكون وسائل الإعلام أكثر شفافية وأكثر مصداقية في كل ماتعرضه من مضامين إعلامية سواء كانت عبر وسائل الإعلام التقليدية أو عبر وسائل الإعلام الإلكترونية حتى يتم قطع الطريق على مثل هذه المواقع وتعرية كل ماينشر فيها من مضامين سلبية وتحريضية وغير هادفة . حسن الشمراني hasan8hasan@