شهد سوق الماشية بالمدينةالمنورة حِراكاً نشطاً في عمليات بيع وشراء المواشي وإقبالا من المواطنين والمقيمين لاستقبال يوم النحر بذبح أضاحيهم امتثالاً لسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم في هذه الأيام من كل عام، حيث ينقسم الناس في اقبالهم للسوق ما بين المُبكر في الشراء لقضاء النسك في أول أيام العيد، وما بين المتأخر الذي يأمل في انخفاض الأسعار بعد انقضاء ذروتها وشراء الأضحية بسعر أقل. وسجلت ” وكالة الأأنباء السعودية” في جولة ميدانية على سوق الماشية بالمدينةالمنورة تفاصيل هذا الحرِاك السنوي الذي بلغ ذروته مع اقتراب موعد عيد الأضحى المبارك وسط معروض كبير وبأنواع متعددة من الأغنام، إذ لوحظ أن المتسوقين لا يتخذون قرار الشراء إلا بعد التجول بكامل السوق والإطلاع على غالبية المعروض فيه من الأغنام مستعرضين خبراتهم في الكشف على الأغنام وتفقدها بطريقة تتفاوت من شخص لآخر, وآخرين لا يمتلكون أي خبرة تُذكر طالبين من بعض المتسوقين والبائعين النُصح في حُسن الاختيار من عدمه. ووفقاً لمؤشر السلع الاستهلاكية الصادر عن وزارة التجارة والصناعة حول متوسط أسعار الأضاحي في مدن المملكة ليوم الأربعاء حتى منتصف النهار سجلت منطقة المدينةالمنورة أعلى سعر على مستوى مناطق المملكة في نوع الأغنام ” النجدي ” من النوع الكبير حيث بلغ سعره ( 2100 ) ريال، بينما سجلت محافظة حفر الباطن السعر الأقل وهو ( 1700 ) ريال لنفس النوع والحجم . وعلى أرض الواقع من خلال التجول بالسوق لم تبتعد الأسعار كثيراً عن معطيات المؤشر الرسمي مع وجود استثناءات ملحوظة وسط توقعات من المشترين بأن يشهد سوق الأغنام بنهاية يوم الغد أو منتصفه بعون الله بداية نزول أسعار الماشية التي تتفاوت حسب نوعها وأحجامها. وفي مستهل الجولة أخبرنا التاجر عبد الرحمن عبدالكريم الذي يعمل في مجال تربية وتسمين المواشي أنه يملك مع شُركاء آخرين ثلاث مزارع لتربية المواشي المحلية والمستوردة. وأوضح التاجر عبدالكريم خلال تقرير أعده الزملاء عبد الرحيم الزهراني وتركي الفريدي ومن تصوير سامي الجهني بوكالة الأنباء السعودية أن الأغنام السودانية و الصومالية من نوع ( السواكن، والبربري، والتيوس الحبشية ) تأتي عند استيرادها إلى المملكة ضعيفة وهزيلة نوعاً ما, ويكون مذاق لحمها غير محبذ, ولكن حين تُربى وتُسمَن وتأكل الأعلاف الجيدة لمدة تتراوح من شهرين إلى ثلاثة أشهر تكتسب بنية جسمانية جيدة ويختلف مذاق لحومها للأفضل. وبين أنه اشترى قبل شهرين من الآن الأغنام من نوع السواكن بسعر يتراوح بين ( 550 إلى 650 ) ريال بقصد التربية والتسمين بينما تُباع الآن بنفس مواصفاتها السابقة بسعر يتراوح من ( 650 إلى 1300 ) ريال في حين أن ( البربري ) كانت أسعارها تبدأ من ( 320 إلى 410 ) ريال وصلت الآن إلى ( 500 ) ريال للرأس الواحد, موضحاً أنه لا يعلم السبب لهذا الارتفاع حالياً وهل هو من التاجر المُستَورد أو التاجر المُصَدِر. وأضاف أن الأغنام من نوع ( الحري ) كان سعرها في شهر رمضان الماضي لا يتجاوز ( 1400 ) ريال و وصل الآن إلى ( 2300 ) ريال للحجم الكبير وبلغ الحجم المتوسط لنفس النوع ( 1800 ) ريال, بينما بلغ سعر الأغنام من نوع ( الحبصي ) بين ( 1200 إلى 1800 ) ريال حسب الحجم . وقدم المواطن أحمد عبد القادر الذي يعمل في تجارة المواشي في طيبة الطيبة تفاصيل عن أنواع الأغنام والجهات التي ترد منها, والأنواع التي يفضلها أهالي المدينةالمنورة حيث رأى أن المرغوب والمطلوب عند أهل المدينةالمنورة في المقام الأول هو النجدي يليه الحبصي ثم من بعده النعيمي ولكن نظراً لإرتفاع أسعارها في هذه السنة تحول الزبائن إلى شراء الأغنام المستوردة الأقل سعراً كا السواكن ثم الطليان البربري ثم التيوس البربري الواردة من الصومال, مرجعا سبب غلاء أسعار الأغنام إلى ارتفاع أسعار العلف من الشعير والبرسيم وخلافه . المواطن فهد هاشم السليماني المتخصص في بيع الأعلاف تحدث عن أنواعها وأسعارها وجهات استيرادها حيث أشار إلى أنها تأتي من القصيم وحائل وتبوك.ويتفق المواطن محي الدين كردي مع الرأي القائل بأن هناك مبالغة في الأسعار حيث يقول اشتريت ثلاثة خرفان من نوع النجدي بسعر2400ريال, مشيراً إلى زيادة ملحوظة في سعر الأضاحي لهذا العام ووافقه الموطن أدم هوساوي الذي قال اشتريت خروف نعيمي بقيمة (1900) ريال . فيما يرى التجار أن الزيادة بسيطة جداً لا تكاد تذكر وهي على بعض الأنواع فحسب, وأن تلك الزيادة ليست من صنع أيديهم بل هي حلقة تمتد لتصل إلى بلد المنشأ. ويفضل بعض أبناء الجاليات المقيمة في المملكة شراء الإبل كأضاحي والتي تراوحت أسعرها من(4500 إلى 6500 ) ريال ويشترك فيها أكثر من عائلة, فيما تركز جاليات أخرى على شراء البقر أو الثيران كأضاحي والتي تراوحت أسعارها بين (5000 إلى 6600 ) ريال. وعد المواطن فيصل حسن صاحب أحد المطابخ أن هذا الوقت من العام هو وقت الذروة بالنسبة للمطابخ وكمية استهلاكها من الذبائح مضيفاً أنه علاوة على كونه عيد الأضحى فإن أهالي المدينةالمنورة يسمونه عيد اللحم من كثرة مايذبح فيه من بهيمة الأنعام فضلا عن أن هناك إقداما وسحبا كبيراً من المواطنين وفنادق المنطقة المركزية على شراء الذبائح وحجزها مسبقا وطبخها للولائم وكذلك الحجز المسبق للخرفان لحفلات الأعراس التي تأتي خلال إجازة عيد الأضحى وبعد العيد مباشرة, كما أن العديد من الأهالي وسكان المناطق الأخرى من مناطق المملكة يفضلون قضاء عيد الأضحى في رحاب طيبة الطيبة بما يسهم في زيادة الطلب على شراء الذبائح والأضاحي . ولفت المواطن علي حميد المهري الذي يمتلك أحد المطاعم المتخصصة للحم المندي أن الكثير من المواطنين وذويهم القادمين من مختلف مدن المملكة يفضلون قضاء العيد في طيبة الطيبة من أجل زيارة المسجد النبوي للصلاة فيه والسلام على المصطفى صلى الله عليه وسلم وعلى صاحبيه رضوان الله عليهما, والاستمتاع مع ذويهم وأهليهم وأطفالهم في هذه الإجازة وبالتالي يعمدون إلى إستْئجار الاستراحات لمدة تصل من 4 إلى 6 أيام وهم بدورهم يرتبون مع أحد المطاعم لتأمين وجبتي الغداء والعشاء, مؤكد أن ذلك يسهم أيضا في زيادة الطلب والاستهلاك على التيوس الحري . ورصد من واقع خبرته في مجال عمله زيادة الاستهلاك والإقبال على شراء اللحم الحري المندي مع إطلالة إجازة عيد الأضحى المبارك وخلال هذه الأيام التي تسبق العيد حيث يستهلك المحل يومياً في الأيام العادية من(30 إلى 35 ) رأسا من التيوس المندي بينما يقفز الرقم خلال هذه الأيام ليصل إلى حدود (80 ) رأس يوميا, كما يبلغ ذروته في أيام العيد ليصل إلى (260 ) رأسا يومياً.