في الوقت الذي أكد فيه خبير فلكي، طول مدة فصل صيف هذا العام وارتفاع درجات حرارته المعهودة في العاصمة الرياض، يقضي عاملون ساعات طويلة تحت أشعة الشمس الحارقة في الرياض لإنجاز أعمالهم وسط أجواء حارة لا تتحملها "صلابتهم" التي اكتسبوها في أعمال الإنشاءات والبناء، وسط مطالبات بتطبيق قرار وزارة العمل القاضي بمنع العمل تحت أشعة الشمس وأن يكون القرار ساريا على كل أشهر الصيف في المدن الحارة وألا يقتصر على شهري يوليو وأغسطس الذي صدر فيهما القرار العام الماضي. وارتفعت درجات الحرارة في الرياض بشكل كبير منذ الأسبوع قبل الماضي تجاوزت معه 40 درجة مئوية، وهي حرارة عالية يعاني منها العمالة العاملون في الإنشاءات بحسب رصد "الوطن" للعديد منهم حيث بدا عليهم تأثير أشعة الشمس بشكل لافت ويضطر بعضهم لتغطية رؤوسهم ب"خوذات" وأشمغة مبلولة بالمياه لامتصاص الحرارة، وآخرون يحرصون على تغطية وجوههم بقطع قماش وأقطان لتجنب "لهيب" الشمس وزفير حرارتها، فيما يلجأ آخرون لارتداء "القفازات" القماشية للحد من تأثير الحرارة على مواد البناء التي يعملون فيها خاصة حمل وتركيب وتقطيع الحديد الذي يسخن سريعا بمجرد تعرضة لأشعة الشمس. وخلال "الجولة" اتفق عدد من العمالة على معاناتهم الموسمية مع العمل في الأجواء الحارة، وطالبوا بأن يطبق قرار وزارة العمل بمنع العمل تحت أشعة الشمس طوال فترة الصيف، وأن تستبدل فترة العمل النهاري بالمسائي لتجنب تأثير الحرارة على صحتهم وعملهم وإنتاجيتهم. وأشار أحد العمالة ويدعى محمد دافال الذي بدا منهكا ويتصبب عرقا، وهو يعمل في مشروع تجاري وسكني تحت الإنشاء، أنه يعاني كثيرا من العمل تحت أشعة الشمس الحارقة حيث بدأت الحرارة في الارتفاع المفاجئ منذ الأسبوع الماضي، لافتا أنه يبدأ عمله السابعة صباحا حتى الخامسة عصرا تتخللها فترة راحة قصيرة لصلاة الظهر وتناول الغداء في الموقع، مضيفا أنه يشعر بالارتفاع الكبير في درجات الحرارة قبل العاشرة صباحا ويصل ذروته بعد الظهر ويساهم ذلك في انخفاض قدرته على العمل، لكنه مجبر على إنتاجية يومية وبالتالي ليس أمامه إلا مواصلة العمل والضغط على نفسه في هذه الظروف الحارة، وبسؤاله عما إذا كانت مؤسسته تمنحه بدلا عن العمل في المواقع المكشوفة تحت أشعة الشمس وما يصحبه من إرهاق في العمل أجاب بالنفي. صيف طويل من جهته، علق عضو الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك الخبير الفلكي الدكتور خالد الزعاق على سؤال "الوطن" حول توقعاته لحرارة الطقس هذا العام بقوله إنه من المتوقع أن يطول فصل الصيف هذا العام على غير عادته، إلا أن حرارته ستكون معتادة ككل عام، لافتا أنه بدأ الأسبوع قبل الماضي موسم الكنة وتسمى "كنة الصيف" وهي إحدى مواسم السنة الذي تتصف بالمفاجآت من حر ومطر وغبار وتتميز بتسليط الشمس لحرارتها بشكل لافت امتدادا لموسم صيف حار، وسط تشكل الحزام الحراري تحت وجه الأرض الذي يفرز الحرارة الأرضية بالتزامن مع الحرارة الجوية مما يساهم في ارتفاع درجات الحرارة طوال فصل الصيف. موقف وزارة العمل يذكر أن وزير العمل الراحل الدكتور غازي القصيبي حين كان وزيرا للعمل حينها قد أصدر قرارا وزاريا يقضي بتنظيم أوقات العمل تحت أشعة الشمس خلال شهري يوليو وأغسطس من كل عام. ونص القرار الذي تم تطبيقه اعتبارا من العام الماضي 1432 2012 على أنه لا يجور تشغيل العامل في الأعمال المكشوفة تحت أشعة الشمس من الساعة 12 ظهرا إلى الساعة 3 مساء خلال الفترة الواقعة بين اليوم العاشر من برج السرطان الموافق الأول من شهر يوليو إلى نهاية اليوم التاسع من برج السنبلة الموافق نهاية شهر أغسطس من كل عام، ويستثنى من هذا القرار العمال الذين يعملون في شركات النفط والغاز، وكذلك عمال الصيانة للحالات الطارئة، على أن تتخذ الإجراءات اللازمة لحمايتهم من أضرار أشعة الشمس. وأشارت وزارة العمل حينها أن إصدار هذا القرار يتوافق مع التوجه العالمي ومعايير العمل الدولية فيما يتعلق بحماية العمالة وتوفير بيئة عمل صحية وآمنة وفق اعتبارات السلامة والصحة المهنية. كما يرسخ القرار رغبة الوزارة في تفعيل ما تضمنه نظام العمل من الأحكام الخاصة بالصحة والسلامة المهنية من خلال توفير حماية كافية للعاملين السعوديين وغير السعوديين الذين يؤدون أعمالهم في أماكن مكشوفة تحت الشمس من مخاطر التعرض لحرارة أشعة الشمس التي يمكن أن تؤدي إلى أضرار صحية كبيرة ومنها الوفاة في بيئات صحية غير آمنة، كما يؤكد ذلك حرص الدولة على منح العاملين حقوقهم المادية والمعنوية والتعامل معهم بطريقة إنسانية وحضارية. ودعت الوزارة أصحاب العمل إلى التعاون معها في تنفيذ هذا القرار لأهميته من النواحي الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية، وأن يبادروا من منطلق مسؤوليتهم الأدبية والنظامية تجاه العاملين لديهم إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لحمايتهم من أضرار أشعة الشمس وغيرها من الحالات التي تضر بالصحة والسلامة المهنية. نص المواد ونصت مواد نظام العمل في القرار والخاصة بتنظيم ساعات العمل، على أنه "لا يجوز تشغيل العامل تشغيلا فعليا أكثر من 8 ساعات في اليوم الواحد إذا اعتمد صاحب العمل المعيار اليومي، أو أكثر من 48 ساعة في الأسبوع إذا اعتمد المعيار الأسبوعي. وتخفض ساعات العمل الفعلية خلال شهر رمضان للمسلمين بحيث لا تزيد على ست ساعات في اليوم، أو 36 ساعة في الأسبوع". كما نصت المادة 99 من النظام على أنه "يجوز زيادة ساعات العمل إلى تسع ساعات في اليوم الواحد لبعض فئات العمال، أو في بعض الصناعات والأعمال التي لا يشتغل فيها العامل بصفة مستمرة. كما يجوز تخفيضها إلى سبع ساعات في اليوم الواحد لبعض فئات العمال أو في بعض الصناعات الخطرة أو الضارة. كما نصت المادة 100 على أنه "يجوز لصاحب العمل بموافقة الوزارة في المنشآت التي تقتضي طبيعة العمل فيها أداء العمل بالتناوب زيادة ساعات العمل عن 8 ساعات عمل في اليوم الواحد أو 48 ساعة في الأسبوع، بشرط ألا يزيد متوسط ساعات العمل، عند احتسابه لمدة ثلاثة أسابيع أو أقل، على ثماني ساعات يوميا أو 48 ساعة أسبوعيا. أما فيما يتعلق بالمخالفات، فقد حددت المادة 236 من نظام العمل العقوبات التي تطبق عليها "بغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف ريال ولا تزيد على عشرة آلاف ريال عن كل مخالفة أو إغلاق المنشأة لمدة لا تزيد على 30 يوما أو إغلاقها نهائيا ويجوز الجمع بين الغرامة والإغلاق. ------------------------------------------------------------------------ حائل.. لهيب الشمس يقلق أولياء أمور الطلاب حائل: عبدالكريم الفطيمان وفي حائل، دفعت الأجواء الحارة التي بدأت تشهدها المنطقة، أولياء أمور إلى المطالبة بإنهاء معناة أبنائهم من حرارة الشمس أثناء خروجهم من المدرسة وانتظارهم عند الباب الخارجي، بتجهيز مواقع خاصة للانتظار تكون آمنة وتقيهم الحر. وأشار سامي الحمود إلى أن عدم وجود صالات انتظار في المدارس وترك الطلاب عند أبوابها في انتظار ذويهم، يعرضهم لمشكلات صحية واجتماعية، فالطالب قد يتعرض لضربة شمس أو حادث مروري أو حتى لمضايقات. وأوضح الحمود أن من المفترض أن تكون هناك صالة انتظار ومعلم ومشرف يبقى مع الطلاب ريثما يصل أولياء أمورهم، أو على الأقل أن تكون هناك مظلات عند بوابات الخروج تحميهم من لهيب الشمس. أما فيصل فهد فيقول إن الحالة التي نراها كل يوم مؤذية للطلاب، خاصة أن فصل الصيف على الأبواب، مما قد يؤثر صحياً على أبنائنا، كما أن ظروف الطريق قد تضطر ولي الأمر للتأخر. وسأل: هل هناك صالات انتظار تحفظهم، بعد الله، من الشمس والشارع وأخطاره؟ من جهته أكد مساعد مدير تعليم حائل للشؤون المساندة بالنيابة طلال الصوينع ل "الوطن"، أن المدارس تضم أماكن لانتظار الطلاب، منها مركز مصادر التعلم وكذلك الصالات الرياضية. وحمل الصوينع مديري المدارس والمعلمين المشرفين المسؤولية، لأن عدم التزامهم يؤدي إلى أن تكون الصورة كما هي الآن.