"أشجار نخيل واحة الأحساء، تقتلع واحدة تلو الأخرى من الأراضي الزراعية، لتحل بدلاً عنها المباني والمخططات السكنية والاستراحات الشبابية وصالات الأفراح والمناسبات". بهذه العبارة، استهل شيخ سوق التمور المركزي في الأحساء عضو لجنة التمور والنخيل في غرفة الأحساء عبدالحميد بن زيد الحليبي، حديثه إلى "الوطن"، مؤكداً أن الواحة الزراعية في الأحساء، تتعرض حالياً لخطر كبير محدق بها، في حال استمرار الاعتداء على نخيلها ومزارعها، إذ إن تلك الهجمات، أتلفت آلاف النخيل والأشجار المثمرة الأخرى، التي تعتبر مصدر غذاء رئيس في الأحساء خاصة والمملكة عامة، فلم تعد سوسة النخيل الحمراء هي الخطر الوحيد على النخلة في الأحساء، بل امتد الخطر إلى الإنسان الذي يقتلع النخلة بديلاً من غرس الفسائل، مبيناً أن الرقعة الزراعية في الواحة تشهد تناقصا سنة بعد أخرى، مشدداً على المسؤولين في وزارة البلدية والشؤون القروية، بضرورة طرح مخططات سكنية جديدة خارج نطاق الرقعة الزراعية. وأضاف الحليبي أن هناك تعدياً كبيراً من المخططات الجديدة على المزارع، على الرغم من وجود مساحات شاسعة في أطراف الأحساء، هي أولى بإدراجها كمخططات سكنية جديدة، لخفض أسعار العقارات في الأحساء، وفك الاختناقات السكنية والمرورية من وسط المدن والبلدات الحالية إلى الأطراف لمواجهة النمو السكاني المطرد في المحافظة، لافتاً إلى أن تمور نخيل الأحساء، تعتبر بمثابة الأمن الغذائي للبلد، فهي ملك للوطن، ومن المصلحة العامة الحفاظ عليها والعناية بها، موضحاً أن الدولة، خصصت مبالغ مالية طائلة لإحياء تلك المزارع، وتوفير مشاريع ضخمة للري والصرف والمبيدات الحشرية والبرامج الإرشادية المختلفة، ووضع جهاز وزاري به آلاف الموظفين المتخصصين للاهتمام بالشجرة والنخلة، ومن غير الصحيح أنه بين عشية وضحاها تقتلع وتزال تلك الثروات الوطنية بهذه الطريقة. وأشار علي الشواكر "مزارع"، إلى ضرورة الحفاظ على الإرث التاريخي والجغرافي للأحساء، وهو إرث الزراعة، فهو أحد الأسباب الرئيسة للاستيطان البشري في هذه الواحة منذ آلاف السنين، فقد كانت قوافل التجارة تصل من مختلف أصقاع العالم إلى الأحساء بفضل انتعاشها زراعياً وبالتالي تجارياً، فحري بنا الحفاظ على هذه الإرث من الاندثار، ومضى بقوله، "إن انخفاض أسعار التمور حالياً لا يمثل سبباً في التخلص من هذا الإرث مهما كانت الظروف"، مطالباً بإصدار قانون لحماية الحيازات الزراعية من مخاطر الإزالة، لا سيما أن في الأحساء أجود أصناف النخيل والمزروعات الأخرى، فهي سلة غذاء للكثير من المزروعات كالتمور والباذنجان والباميا والقرع والخس والخيار والفجل والليمون والعنب والكنار والشمام واللوز والبقدونس، وغيرها. وقال هشام بن أحمد العيسى "عقاري"إن سعر المتر المربع الواحد في عقارات الأراضي الزراعية في الواحة، يصل إلى 1200 ريال، وهو مشجع لكثير من أصحاب الحيازات الزراعية في تحويل مزارعهم إلى مخططات بعد حصولهم على فسح التحويل، وبالأخص المزارع التي تفتقد للآبار الارتوازية، فالزراعة فيها مكلفة جداً مقارنة بإيراداتها، لاسيما أن الأهالي في الأحساء، يتمسكون برغبتهم الأكيدة في الحصول على قطع أراض متقاربة فيما بينهم، وذلك محاكاة للنسيج الاجتماعي المتأصل فيهم بتقارب سكن أفراد الأسرة الواحدة، إلى درجة أنه يتم إطلاق مسميات بعض "البلكات" المتجاورة فيما بينها باسم الأسرة التي تسكنها. وبدوره، قال أمين الأحساء رئيس المجلس البلدي في المحافظة المهندس فهد الجبير إلى "الوطن"، إن جهات الاختصاص في الأمانة، انتهت قبل فترة من إعداد دراسة متخصصة لتحديد مواقع النطاق العمراني، ومن خلال نتائج هذه الدراسة، جرى تحديد مواقع معينة داخل الواحة الزراعية يمكن الاستفادة منها وتحويلها إلى مخططات سكنية جديدة كعلاج لارتفاع أسعار العقارات في بعض المواقع، وجرى التركيز على تحويل الحيازات الزراعية المهملة، بيد أنه استدرك أن أمانة الأحساء، اعتمدت النطاق العمراني المقبل للأحساء، وذلك بتوجيه مشاريع التنمية باتجاه الشرق وصولاً إلى شاطئ العقير الساحلي. الأحساء .. أكبر واحة زراعية في العالم الأحساء هي جمع " حسي" وهو سهل من الأرض يستنقع فيه الماء، وهي كذلك الرمل المتراكم الذي أسفله جبل صلد، فإذا مُطِر الرمل نشف ماء المطر، وإذا انتهى إلى الجبل الذي أسفله أمسك الماء ومنع الرمل حر الشمس أن ينشف الماء، فإذا اشتد الحر نبث وجه الرمل عن ذلك الماء فنبع بارداً عذباً. • تقع في الركن لجنوبي الشرقي للمملكة، وتشغل الجزء الجنوبي من المنطقة الشرقية. • وتصل مساحتها إلى نحو530 ألف كم2؛ وتمثل 68% من مساحة المنطقة الشرقية و24% من مساحة المملكة؛ وجزء كبير من هذه المساحة عبارة عن جزء من صحراء الربع الخالي. • كانت ولا تزال الزراعة هي المصدر الأساس لدخل أهلها؛ والأحساء مشهورة بزراعة النخيل وغيرها مما يُزرع في أرضها الخصبة؛ وتبلغ مساحة الأرض الزراعية فيها أكثر من 10 آلاف هكتار تعود لأكثر من 30 ألف مُزارع. • الأحساء واحة زراعية حسدتها طبيعة المكان ووفرة المياه التي يرمز إليها مسماها، وفي المحافظة أكثر من مليوني نخلة تنتج أفضل أنواع التمور في العالم. • ويوجد في الأحساء أكثر من 30 عين تتدفق بالمياه طبيعياً، وكانت هذه العيون تمد المنطقة الزراعية بالمياه عبر مجموعة من القنوات التي كانت تشكل شبكة الري التقليدية حتى إقامة مشروع الري والصرف؛ وتحويل بعض هذه العيون إلى مسابح. • وتزخر الأحساء بكثير من الأماكن التراثية والأثرية التي تعود إلى عصور قديمة وتُظهر حضارات مختلفة، ومنها مسجد جواثا، وقصر إبراهيم، وجبل القارة، وجبال الأربع.