انتقد مستشار وزير الخارجية السويدي الخبير في الأدب والحضارة العربية جان هننجسن قادة الرأي الذين وصفهم بأنهم يملكون البلاغة، إلا أنهم يقعون في مأزق استخدام بعض المفردات دون إدراك لحقيقتها اللغوية وهو ما يتسبب بمغالطات على مستوى الفهم والتطبيق. جاء ذلك في الندوة الثانية للبرنامج الثقافي لمعرض الرياض الدولي للكتاب أول من أمس التي كان عنوانها "نحو لغة مشتركة للتغيير" حضرها عدد من المسؤولين والمثقفين وممثلي الوفد السويدي المشارك كضيف شرف في المعرض. وشخّص هنجسن المشكلة بأنها تكمن في غياب النقاش الموضوعي لتحرير تلك المصطلحات التي يتم تداولها لتحقيق أهداف عدة على مستوى تكريس الثقافة وصناعة التأثير في المجتمع، معلقا في هذا الشأن بقوله "التحديات في المرحلة الحالية ليست لغوية تماما ولكنها تحديات معنوية". وقدم مستشار وزير الخارجية السويدي رؤية جديدة في فكرة حوار الحضارات رغم أنه لم يلغ هذه الصيغة بشكل كامل، إلا أنه اعتبر أن العالم يضم حضارة إنسانية واحدة وكأنها شجرة أغصانها ثقافات العالم. وحلل المحاضر السويدي الذي قدم ورقته كاملة باللغة العربية عددا من الخطابات التي سادت في المجتمع العربي من منظور لغوي بحت يستمد من دلالة المفردة تأثيرها في صناعة الرأي العام والتواصل مع مختلف شرائح الجمهور وهي الوسيلة التي أدركتها مؤسسات المجتمع المدني الناشئة، ولم يخف هننجسن شعوره بالمفاجأة من ظهور عدد من التعابير الجديدة التي تعبر عن خطاب ثقافي مغاير يقوم على تقبل الآخر وتبني مفاهيم التسامح المدني والاجتماعي، مشيدا في الوقت نفسه بظهور اتجاهات تعتمد في رسالتها الاتصالية مع الجمهور على دعم حرية البحث العلمي والإبداع الفني بشكل يتسق مع مسارين أساسيين هما الخطاب الديني الأخلاقي والخطاب الثقافي المنهجي، معلقا في هذا الجانب على القيمة التي يمثلها الدين في المجتمعات العربية بوصفه متكاملا مع العلم، ومكونا جوهريا في حياة الناس وتكوين ثقافتهم ومواقفهم حيال مختلف التغيرات. المحاضر الذي يمثل السويد في تحالف الحضارات بالأمم المتحدة، تناول جانبا من تجربة بلاده في التعليم ومحو الأمية وذلك من خلال مشروع للقراءة انطلق قبل 200 عام تقريبا على يد مؤسسات مجتمع مدني، واعتبر أن ضرورة التعلم أصبحت أكثر إلحاحا في الوقت الحاضر من أي مرحلة ماضية لاسيما مع حضور وسائل الاتصال والإعلام التي تهيئ صورة العالم والمعارف المختلفة أمام غير المتعلمين، وحذر في الوقت نفسه من التوجس حيال التعلم قائلا "الخوف لا يخلق مبتكرا أو مبدعا وهو أحيانا معاكس لمفهوم المعرفة والحكمة". واقترح المحاضر السويدي أن يقوم الجيل الثالث من مواطني بلاده الذين ينحدرون من مهاجرين عرب بالقيام بمزيد من الجهد على سبيل ربط أبناء الثقافة العربية بالمجتمع السويدي من خلال توحيد القيم وتعزيز المشتركات الإنسانية لبناء علاقة فاعلة وبناءة تصب في صالح السلام العالمي ودعم النهوض الثقافي والاجتماعي والاقتصادي.