فيما يغادر محمد الحمد منزله الكائن في حي الروضة (شرق العاصمة الرياض) متوجها إلى مقر عمله الواقع في حي الوزارات، يقاسمه والده المتقاعد الاستيقاظ الصباحي الذي اعتاد عليه طيلة فترة خدمته في الدولة، ولكن مقصد الأخير يختلف عن الأول، إذ يتوجه مباشرة بعد أن يرتدي حذاءه الرياضي ويحكم رأسه بالشماغ اتقاء البرد لممارسة رياضة المشي في الساحة البلدية القريبة من منزله أو ما يحلو تسميته ب"الممشى" في عادة صباحية لازمته منذ تقاعده من العمل الرسمي. ولم يمنع تقدّم العمر وتعب السنين، بعض المسنين والمتقدمين في السن من المتقاعدين وغيرهم من البحث عن "متنفّس" لقضاء وقت فراغهم "الصباحي" لتكون "الساحات البلديّة" خيارا وحيدا يمارسون فيه هواياتهم منذ وقت مبكر من اليوم. أمانة منطقة الرياض افتتحت حتى الآن أكثر من 50 ساحة بلدية ضمن مشروع يهدف لافتتاح 100 ساحة بلدية موزعة على أنحاء أحياء العاصمة حيث تحتوي ساحات البلدية على ممر لممارسة رياضة المشي، ومضمار لممارسة تمارين الإحماء الرياضية وملاعب متعددة الاغراض لممارسة رياضة كرة القدم واليد وكرة الطائرة والسلة، كما تحتوي على مسطحات خضراء ومظهرعام منسق بالأشجار والنباتات والزهور وملعب للأطفال الصغار. ورغم صخب الساحات البلديّة في الفترة المسائية التي تبدأ عصرا في فصل الشتاء، إلا أن الأمر يختلف في الفترة الصباحيّة، حيث يخلو المكان من الشباب والأطفال، وتختفي مشاهد ارتداء الملابس الرياضية التي يحرص عليها الشباب، فيما يحضر بعض المسنين والمسنّات بهيئتهم المعتادة دون تكلّف ويتوجّهون مع شروق الشمس لتلك الساحات لممارسة المشي والجري حول مضمارها لتكون "متنفسا صباحيّا" يقضون فيه وقت فراغهم خاصة ممن يحاولون المحافظة على صحتهم ومن لديهم "ريجيم" لمواجهة بعض الأمراض كالسكري والسمنة وغيرها. ورصدت "الوطن" خلال زيارتها لثلاث من الساحات البلدية في الرياض في وقت مبكر من صباح أمس عددا من المتقدمين في السن من الجنسين بينهم متقاعدون يمارسون رياضة المشي والجري حول هذه الساحات، فيما رصدت آخرين بصحبة زوجاتهم يتناولون الإفطار الصباحي في المسطحات الخضراء الواقعة في محيط الساحات في مشهد هادئ يعقب وصول الطلاب والطالبات لمدارسهم، والموظفين والموظفات لمقر أعمالهم. وبرز واضحاً الاهتمام الكبير بهذه الساحات من قبل العاملين في الشركات المشغلة لها، حيث يتم ري أشجارها وتنظيف محيطها وتفقد رصفها لتكون جاهزة لاستقبال مرتاديها. وقال المواطن سعدون العتيبي إنه يحرص صباح كل يوم على ممارسة رياضة المشي حول مضمار الساحة البلدية بحي الروضة لمدة تقترب من الساعة، لافتا إلى أن المضمار يستقبل العديد من المسنين والمتقدمين في السن الذين يحضرون مع شروق الشمس ويمارسون رياضة المشي والجري حسب قدرتهم الجسدية ويكتفي بعضهم بالمشي البطيء، في حين يحرص آخرون على الجري وممارسة بعض التدريبات اللياقية في مشهد يؤكد أهمية مثل هذه الساحات التي أتاحت لهم متنفسا يقضون فيه وقت فراغهم ويحافظون على صحتهم. ويشير المواطن محمد الحربي إلى أن العديد من المتقاعدين يعانون من وقت الفراغ خاصة في الفترة الصباحية حيث اعتادوا على الاستيقاظ مبكرا لتكون هذه الساحات ملتقى يومياً يقضون فيه وقت فراغهم، ويمارسون رياضة المشي للمحافظة على الصحة، فيما يستغلّه بعضهم في تطبيق "ريجيم" بناءً على نصيحة الأطباء لمواجهة مرض السكري والسمنة وللمحافظة على اللياقة العامة للجسم. ويقترح المواطن ساعد الحارثي أن يتم تكثيف الساحات البلدية في الأحياء وتنظيم ملتقيات تثقيفيّة داخل هذه الساحات ولو مرة واحدة في الشهر لتوعية المجتمع بأهمية الرياضة واستغلال وقت الفراغ فيما يفيد.