نتألم لرؤيتهم يجوبون شوارعنا مع ساعات الصباح الأولى ليتحملوا قسوة الشتاء وحرقة الصيف، لنجدهم منتشرين في مدننا عند الإشارات ومفترقات الطرق لينتشلوا ما أوقعته أيدينا أثناء الليل من نفايات وبقايا أطعمة. إنه ليحزننا أن نرى جنسيات مختلفة تعتني بنظافة مدننا وشوارعها ومتنزهاتها، وحتى مدارسها بهذا الوضع الإنساني. ألا نخاف على أنفسنا من حنقهم علينا أثناء التقاطهم لمخلفات غيرهم، أين تعاليم الإسلام وهدي سيد الرسل صلى الله عليه وسلم في حثه على النظافة. فالله عز وجل جميل يحب الجمال. من المؤسف أن نفقد الجمال والنظافة في بلادنا لنجدها داخل منازلنا فقط، إنه لتناقض عجيب، وأحيانا تغيظنا بعض التصرفات غير الواعية بنظافة بيئتها، حينما نرى البعض وأثناء القيادة يقوم بفتح نافذة سيارته ليرمي نفاياته خارجا في الطرقات غير مكترث بنظافة بيئته ولا حتى بالأذى الذي سيلحق غيره. كم من أماكن عامة تفتقر لجماليات البيئة النظيفة، وكم من مدارس وجامعات تتحول في آخر النهار إلى سلة مهملات، وكأننا نتعفف عن تنظيف ما تركناه خلفنا، وكأنها ليست من مهامنا، بل من مهام غيرنا من عمال النظافة المغلوبين على أمرهم برواتب زهيدة. فمتى سيأتي اليوم الذي تتخلى فيه البلديات عن هذه العمالة، لنكون نحن المسؤولين الوحيدين عن نظافة مدننا ومرافقها العامة؟ ولكي تصبح النظافة في مجتمعنا ثقافة رائجة ومنتشرة في جميع الأماكن من بلادنا حتى لو تطلب ذلك فرض أقصى العقوبات والمخالفات على المقصرين في حقوق البيئة.