شهدت محاضرة بعنوان "أديب مكة الرائد أحمد السباعي" نظمها أدبي مكة مساء أول من أمس، تساؤلات عن مصير جائزة السباعي التي أعلن عنها وزير الثقافة والإعلام في وقت سابق. وتمنى الدكتور عبدالله العطاس في مداخلته أن يقوم نادي مكة الثقافي الأدبي بطباعة ما كتب عن السباعي ومنها رسالة دكتوراه لسعيد الجعيدي، كما تساءل عن مصير جائزة السباعي المسرحية. واختتمت المحاضرة بالعديد من التعقيبات والمداخلات، بدءا من مدير الأمسية الدكتور محمد الأسمري الذي نوّه بفكر السباعي الطليعي وحظه الريادي الذي انحاز له المنصفون العارفون بتاريخ الأدب والفكر. وكان المحاضر الدكتور سحمي ماجد الهاجري قد أكد في محاضرته أن "شعب بلا رواد.. شعب بلا ذاكرة حية"، مضيفا أن السباعي رغم مجيئه بعد الرواد الأوائل، مثل العواد والأنصاري، إلا أنه شكل تغيرا نوعيا في طبيعة مرحلة الريادة، فقد بدأ خطاب الرواد آنذاك في الانتقال التدريجي، من سيطرة تجريدات الشعر، وتعاليه على الواقع المعيشي، إلى التوسع في فضاء السرد، فكان السرد باعتباره فعالية تنويرية – بحسب رأيه - هو الفضاء الأدبي المناسب لتلك المرحلة باعتباره معادلا لتطوير الوعي المدني. وأشار الهاجري إلى أن السمات الشخصية للسباعي كان لها أثر كبير في مسيرته كلها، فهو إنسان عصامي، صنع نفسه بنفسه.. ومهما قيل عن تأثره بالأدب المهجري، أو ما قاله صراحة عن أثر مصر وأدبائها عليه، ولكن ذلك لم يكن مجرد معارف يتوافر عليها، أو معلومات يحفظها، بل تمثلها في وجدانه ووعيه، كما يتمثل النبات في ضوء الشمس.. ولم يتهيب أن تكون له شخصيته المتميزة، ولهذا تفرد برؤيته الخاصة، وجاء إنتاجه شاملا وموحيا وملهما، مشيرا إلى أنه يستخدم أساليب وتكنيكات فنية، تعزز نزعته الإصلاحية، وتوصلها إلى المتلقي، فهو يهتم كثيرا بعقل القارئ وروحه، باعتبارهما هدفه وميدانه في الوقت ذاته، ولذلك يحاول أن يجعل القارئ دائما في الوضع المريح، والمكان المناسب، ويسوق له الأمثولات التي يحبها ويختار الشخصيات والنماذج القصصية القريبة إلى نفسه، ثم يترك تلك الشخصيات تتحدث بلهجاتها الخاصة التي يألفها القارئ. وتطرق الدكتور سحمي إلى سيرة السباعي الذاتية حيث عده رائد أدب الاعتراف في واقعنا المحلي الذي بدأ بنفسه ليدعو المجتمع إلى الاعتراف بعيوبه". وكان للمحاضر وقفة أمام رواية "فكرة" أكثر نصوص السباعي إثارة بحسب الهاجري، وقال "إن أول ما يتضح في الرواية، ذلك الإحساس المرهف بالمحيط الإنساني، والانفتاح العميق على العصر، والمنظور الجديد للذات والعالم، بصورة مختلفة عن طرائق التفكير التقليدية، ومن جانب آخر يتجلى في الرواية ما يمكن أن يسمى "عاطفة التفكير"، لأنها تعتمد جدلية متواترة، بين الإطار الرومانسي ببعده الخيالي، والمضمون الواقعي ببعده الفكري". وخلص الدكتور سحمي الهاجري إلى أن ما قدمه من نماذج وأفكار، تدل على أننا بدون الرجوع إلى مرحلة الرواد، لا نستطيع معرفة تطور الرؤى والمواقف والأدوات، وأن أي بحث أو تحليل، لا يبدأ من هناك فهو بحث ناقص، وتحليل قاصر. من جهة أخرى افتتح أسامة بن أحمد السباعي، مساء أول من أمس بحضور عدد من المثقفين والأدباء خيمة السباعي الثقافية التي استحدثها النادي لتكون متنفسا ثقافيا متاحا للجميع. وكان مجلس إدارة نادي مكة الثقافي الأدبي قد أقر في جلسته الأخيرة فكرة هذه الخيمة التي تقدم بها نائب رئيس مجلس الإدارة الدكتور ناصر دخيل الله السعيدي.