"بيرم التونسي يمثل حالة فريدة في الشعر العربي ولا يمكن اختصار حياته في ندوة واحدة".. هذا ما قالته الدكتورة سحر سامي خلال احتفاء الهيئة المصرية العامة للكتاب بمناسبة مرور 50 عاما على رحيله. وقالت سامي: إن مشوار بيرم كان مليئا بالاختلافات، سواء حول شخصه أو إبداعه بداية من مولده، مشيرة إلى أنه تأثر بالتراث الشعبي المصري، وكتب لكثير من مطربي عصره كأم كلثوم.. وخرج من عباءته كثير من شعراء العامية ومن بينهم فؤاد حداد وصلاح جاهين وأحمد فؤاد نجم وغيرهم. وأشارت إلى أن حبه لمصر وانتقاده الدائم لسياسات الأنظمة جعله يدفع الثمن غاليا فقد نفي نتيجة لهجائه للنظام ومفاسده، ورغم ذلك لم ينس مصر فكتب عن النيل وعن المرأة المصرية والإنسان المصري من خلال نقد مليء بالحب لهذا الوطن. وتابعت "أثر بيرم في شكل الغناء المصري وخلق لنفسه مكانة متميزة بين الناس.. فقد جاءت قصائده بسيطة وحميمية ومستقاة من طبيعة وحياة الشعب المصري، واضطر أمير الشعراء أحمد شوقي وغيره من شعراء الكلاسيكية أن يلقبوه ب"أمير شعراء القصيدة العامية". وكان لبيرم التونسي – كما قالت سامي - أوبريتات ومسرحيات إلى جانب أشعاره الزجلية؛ فكتب "عزيزة ويونس" والتي تأثر فيها بالتراث الشعبي المصري والسير والمواويل، وهو ما انعكس على آليات التلحين المصري. من جانبه، تحدث الباحث محمود قاسم عن الجانب الإبداعي الغنائي في أشعار بيوم التونسي في الأفلام السينمائية وتتمثل في الأغاني البدوية المرتبطة بأهل الصحراء المصرية وعاداتهم وعزلتهم في المجتمع وأيضا المفردات اللغوية التي يتحدثون بها، وهو أمر صعب – كما يرى قاسم - فلا يستطيع أحد أن يكتب عنهم دون أن يعيش بينهم. وعن الأغنيات التي كتبها بيرم التونسي للسينما قال قاسم "كان يكتب الأغاني السينمائية كمصدر رزق له، وكانت البداية عام 1936 بفيلم "وداد" وتدور أحداثه في أجواء صحراوية وبدوية فتم الاستعانة ب"بيرم التونسي" لكتابة هذه الأغاني. وأشار قاسم إلى أن المخرج نيازي مصطفى كان أكثر المخرجين الذين تعاملوا مع بيرم التونسى لكتابة الأغاني البدوية والصحراوية، وظل بيرم التونسي يكتب أغاني الأفلام حتى قبل وفاته بسنة واحدة. وحول تأثير أم كلثوم في إبداع بيرم التونسي اختتم الباحث محمود قاسم كلامه قائلا: كانت أم كلثوم صاحبة تأثير صوتي طاغ مما يجعل أي كاتب يعيد الكتابة مرات عديدة حتى يصل إلى أقصى درجات الإبداع، وكانت أم كلثوم في أحيان كثيرة تتدخل في تغيير بعض الأبيات ولقد فعلتها مع بيرم التونسي. يذكر أن بيرم التونسي ولد في الإسكندرية في 4 مارس 1893، وسمي التونسي لأن جده لأبيه كان تونسيا قدم إلى مصر سنة 1833، والتونسي لقب لصق به وبأفراد أسرته لكونهم من تونس أصلا.