فتح موقع يوتيوب أبوابا جديدة للإبداع في عرض قضايا المجتمع . وفي الوقت الذي بدأ فيه السعوديون يطرقون أبواب السينما فاتحين فضاءً جديدا للإبداع، ظهر "فيديو توب" كمنافس قوي للتجارب السينمائية المتواضعة إلى حد أن الفنان هاني السعدي يصف ذلك بالقول: إننا لم ندخل بعد بوابة الأبجدية السينمائية ، فالسينما مشروع كبير ومكلف وجدي على عكس ما يعرض على يوتيوب، حيث لا يحتاج عرض برنامج أو عمل دراما إلى جهود كبيرة . مع ذك يفترض السعدي أن تجارب الشباب على يوتيوب تعطيهم خبرة ، ولكنها خبرة بسيطة لاعلاقة لها بالفن السينمائي ، وما أعتقده أن على وزارة الثقافة والإعلام أن تتبنى استراتيجية علمية لبناء فضاء سينمائي سعودي. وإذا كان فيلم مونوبولي على "يوتيوب" قد شاهده ما يزيد على مليون ونصف مليون مشاهد منذ أن عرض العام الماضي، طارحا مشكلة السكن التي يواجهها الشباب السعودي، وعلى الرغم من ضعف الرؤية التي حملها العمل إلا أنه لقي اهتماما واسعا امتد إلى وسائل الإعلام المكتوبة والمرئية ، ويعلق الكاتب خالد ربيع على ذلك بقوله : ليس من الضروري في عروض يوتيوب التمسك بالتقاليد السينمائية فالفن السينمائي مختلف جدا، وأرى أن اهتمام المجتمع السعودي يتزايد بما يطرح على يوتيوب والسبب طبعا هو عدم وجود سينما، وهذا يمثل تحديا للشباب لابتكار وسائلهم الخاصة، كما أن فشل المسلسلات التلفزيونية في تلبية رغبات المشاهدين، دفعهم للتوجه إلى يوتيوب لأنه يعرض قضايا حقيقية وبصورة مباشرة تمس حياة الناس وتتحدى بها الواقع المعاش، وإن كان ذلك برؤية ذاتية ضيقة. ويصف ربيع السينما بأنها تشبه الصحافة الشعبية التي تطرح قضايا شريحة واسعة من الجمهور بينما يكتفي يوتيوب بطرح رؤية شخصية لهذه القضايا مع تناوله قضايا عامة تهم الجمهور، ويضيف : ما أعتقده أن يوتيوب أثر في السينما بشكل سلبي، فحين تحول قضية عامة إلى وجهة نظر شخصية فأنت تفقدها زخمها الحقيقي، يوتيوب يعرض وجهة نظر شخصية بينما تعمل السينما في إطار رؤية عامة . و لا يفوت الناقد محمد العباس أن يشير إلى فقر القيمة الجمالية لعروض " يوتيوب" ففي الوقت الذي تنهض فيه السينما على مجموعة من الفنون البصرية والسمعية، يأتي يوتيوب كنتيجة للقطة عصرية اضطرارية، وما يحدث لدينا هو نوع من الإلتفاف على الحرفة السينمائية، كما أن هناك تقصيرا في فهم السينما والشريط القصير على حد سواء فأغلب ما نشاهده يفتقر إلى الصنعة ويعتمد على الخطابة التي هي أقرب إلى المقال. ويرى العباس أن عروض اليوتيوب هي جهود فردية تتناول المواضيع الوعرة والسجال ومقاربة المحظورات من دون جمالية بصرية في حين أن السينما تقوم على جهود جماعية متكاملة فالناشطون على يويتوب قد لا يعون معنى الشريط السينمائي لذلك يلجأون لمخاطبة مباشرة للجمهور. وعن الخسارة والربح يعتقد العباس أنه لا خسارة ولا ربح في هذا الموضوع فالفنون لدينا منقطعة عن بعضها والخبرات السينمائية غير متوفرة والإنتاج السينمائي ضعيف، والجوائز التي منحت لأفلام السعودية، لم تكن لجودة الفيلم فهي تعطى إما من خلال نظرة استشراقية أو حقوقية أو لتشجيع الطرح الليبرالي وليس لها علاقة بالجودة والمستوى الفني. وللسينمائي فهد الأسطاء تجربة تصل إلى المشاركة في إخراج وإنتاج وكتابة 12 فيلما سينمائيا قصيرا، وهو يعتبر اليوتيوب مرحلة انتقالية إلى السينما فهو بمثابة صالة عرض مؤقتة، هذا إذا كان المشتغلون فيه على وعي بهذه المسألة، فاليوتيوب لا يغني عن السينما، ولا يحل محلها، وقد يفيدها أكثر مما يضرها لكن كل عمل على يوتيوب لا يعتد به ما لم يتحول لعمل سينمائي حقيقي يعرض في دور السينما والمهرجانات ويقول الأسطاء: أنا لست قلقا على مصير السينما السعودية من يويتوب، فهو تجربة صغيرة وأولية، لكن انشغال بعض السينمائيين به قد يفقدهم بوصلة الاتجاه تحت إغراء سرعة الإنتاج وقلة التكاليف وسرعة الانتشار، وهذا قد يؤثر في اهتمامهم بالسينما ويصرف جهدهم عن صناعة أفلام حقيقية.