بعد أن كانت مجرد فكرة يتناوب عليها الكتاب الصحفيون وبعض الأدباء والمثقفين في مناسبات مختلفة من مبدأ "سد الفراغ" في حال لم يجدوا ما يتحدثون عنه، أعاد وزير الثقافة والإعلام السابق إياد مدني في أكتوبر عام 2005 اسم "جائزة الدولة التقديرية" إلى الأذهان بعد أن كانت انطلقت دورتها الأولى عام 1403، وتوقفت رحلتها القصيرة جدا في العام الثاني مباشرة بعد أن منحت عام 1404، ثم "صمتت ونسيت الأدب والأدباء، وإن لم ينسوها"، حسب تعبير الكاتب حسين بافقيه. بعيدا عن خلفيات ومسببات توقف الجائزة بعد سنتين من ولادتها، يمكن الانطلاق من لحظة الصحو على لسان الوزير مدني ليلة تكريم رئيس نادي جدة الأدبي الأسبق عبدالفتاح أبو مدين في 12 أكتوبر 2005، حيث قال حينها "إن جائزة الدولة التقديرية للأدباء ستعود في صيغة جديدة، وإنها تحظى باهتمام كبير من المسؤولين". وبعد أن قضى هذا التصريح حوالي ثلاث سنوات دون أي أخبار حوله سوى حديث المجالس، جاء أحد قرارات مجلس الوزراء في مايو 2008 ببارقة أمل جديدة، حيث جاء في الخبر ما نصه "وفي الشأن الداخلي أفاد إياد مدني - وزير الثقافة والإعلام- أن مجلس الوزراء أقر عددا من الإجراءات المتعلقة بتنظيم جوائز الدولة، بعد الاطلاع على محضر اللجنة الوزارية للتنظيم الإداري الخاص بدراسة تنظيم جوائز الدولة ومنها ما يلي: "يكون للوزير المختص صلاحية تنظيم الجوائز التي تمنحها الوزارة لمنسوبيها وتحديد إجراءاتها، وفق ما تقضي به الأنظمة على ألا تحمل اسم أي رمز من رموز الدولة، فيما تتولى وزارة الثقافة والإعلام منح جائزة الدولة التقديرية للأدب وتمنح الجائزة مرة واحدة". ومضى أكثر من ثلاث سنوات أخرى على هذا الخبر دون تفاصيل أو بوادر فعل على أرض الواقع، وتغير الوزير، حتى جاء "ملتقى المثقفين السعوديين الثاني" في يناير الماضي، وأعلن خلاله وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة ( تفعيل جائزة الدولة التقديرية للآداب في القريب العاجل ) حسب تعبيره، وهنا يأمل المتابعون ألا يكون "القريب العاجل" 3 سنوات أخرى. حسين محمد بافقيه الذي أصدر كتابا عن مجال الجوائز الأدبية يعلق قائلا "درجت الدُول الحديثة على أن يكون تكريم المثقف والأديب والفنان تكريمًا لما أنشؤوه من آثار، هي جزء من التُراث المعنوي للبلاد، وأن يكون ذلك التكريم بأوجه مختلفة، أظهرُها وأهمُها جوائز الدولة التقديرية في العلوم والفنون والآداب، وعادةً ما تكون هذه الجائزة أسمى جائزة في الدولة. على ذلك درجت الدولة الحديثة، ومن بينها المملكة العربية السعودية، وفي "النظام الأساسي للحُكم"، وفي المادة التاسعة والعشرين، من الباب الخامس "الحقوق والواجبات" ما نصُه: "ترعى الدولة العلوم والآداب والثقافة، وتُعنى بتشجيع البحث العلمي، وتصون التُراث الإسلامي والعربي، وتُسهم في الحضارة العربية والإسلامية والإنسانية". وفي تتبعه لمراحل إطلاق الجائزة ثم خفوتها يقول بافقيه "صدر النظام الأساسي للحُكم عام 1412، وقبل هذا التاريخ صدر أمرٌ سامٍ في 20 جمادى الأولى من سنة 1400 بإنشاء "جائزة الدولة التقديرية في الأدب"، واشتملت لائحتها على الفقرات الآتية: تنشأ جائزة تُسمى جائزة الدولة في الأدب، تُمنح كل عام لثلاثة من الأدباء السعوديين، ويُشترط فيمن تُمنح له الجائزة أن يكون قد أسهم إسهامًا جليلاً في إثراء الحركة الدينية والفكرية والأدبية في المملكة العربية السعودية، كما يُشترط ألا تقل سنه عن الخمسين سنة، وتُمنح الجائزة بأمر ملكي بناءً على اقتراح لجنة الجائزة، وتُشكل لجنة الجائزة على النحو التالي: الرئيس العام لرعاية الشباب، رئيسًا. وخمسة أعضاء من رجال الفكر والأدب يُسمون بأمر ملكي، كما يتلقى الحاصل على الجائزة مكافأة سنوية قدرها مئة ألف ريال مدى الحياة، إضافة إلى ميدالية ذهبية، وتتلقى لجنة الجائزة الترشيحات من الهيئات العلمية والمؤسسات الأدبية ومن الأفراد ومن أعضاء اللجنة. ويؤكد بافقيه أن الأدباء والمثقفين فرحوا بتلك الجائزة الرفيعة والثمينة، ثم لم يلبثوا أن حزنوا عليها حُزنًا مُرًا، ألحُوا على عودتها، ولكنها لم تعُد، وحين أُنشئت للثقافة وزارة، قالوا: "الآن ترجع، ولكنها لم ترجع، ومضى عامٌ أعقبه أعوام، وها نحن هؤلاء ننتظر الجائزة مدة سبع وعشرين سنة، وآن لها أن تعود، وأن تُصاغ فقراتها من جديد، وأن يُراعى فيها إشراك نون النسوة، فاللائحة القديمة مُذكرةٌ، وعسى أن تنضوي هذه الجائزة تحت لواء المجلس الأعلى للثقافة، فأخوفُ ما يُخاف على الثقافة هو الموظفون، وقد يكون من المستحسن أن تتنوع جائزة الدولة التقديرية لتشمل "الآداب، جائزة العلوم، الفنون، العلوم الاجتماعية". ويقدم بافقيه مقترحا آخر بتخصيص جائزة للشباب، موضحا "حريّ ببلاد حاز جمهرة من أبنائها جوائز عالمية في الآداب، وخفت دور النشر تنشر آثارهم أن تنشأ جائزة تشجيعية للمبرزين في الآداب والعلوم والفنون من الشُبان والشابات، تشمل الحقول المخصصة للجائزة التقديرية". يذكر أن الجائزة في دورة 1403، مُنحت لحمد الجاسر وأحمد السباعي وعبد الله بن خميس، فيما منحت عام 1404 للأمير عبد الله الفيصل وأحمد عبد الغفور عطار وطاهر زمخشري.