لو كان بوسعهم اتقاء حرارة الشمس وقسوة البرد وتأثير عوادم المركبات لفعلوا، لكن لاحول لهم ولاقوة، بعد أن استخدمهم الكبار كأدوات تسول وصولا إلى استدرار عطف الأهالي. هذا هو واقع حال الأطفال الرضع الذين يقبعون لساعات طوال أمام الإشارات الضوئية، في مختلف تقاطعات منطقة عسير وتحديدا محافظتي خميس مشيطوأحد رفيدة ، في ظل صمت الإدارات المعنية حيال كبح تصرفات الكبار من المتسولين. المواطن علي آل سلطان "معلم" أكد أن منظر الرضع المحمولين من قبل ذويهم للتسول أصبح مألوفا لديه ويشاهده بشكل شبه يومي، وذلك خلال ذهابه لدوامه من محافظة خميس مشيط إلى محافظة أحد رفيدة، إذ لا تخلو إشارة واحدة دون أن تحظى كافة أقطابها الأربعة بمتسولين يبدأ عملهم من ساعات الفجر وينتهي قبل منتصف الليل دون رقيب أو حسيب. وأشار آل سلطان إلى أن القضية ومحور المشكلة هنا ليس التسول وإن كان مشكلة في حد ذاته، إلا أن إفرازاته أدت إلى تسخير أطفال لم يتجاوز بعضهم العامين للتوسل والتنقل بهم لساعات طوال بين المركبات طلباً للمال، دون أن يتم مراعاة الجانب الإنساني لهولاء الرضع، مؤكدا على الجهات المعنية في المنطقة سواء كانت الشؤون الاجتماعية أو هيئة حقوق الإنسان أن تضطلع بواجبها كاملا لإنهاء هذه الظاهرة التي تتنافى مع أبسط حقوق الإنسان بصرف النظر عن جنسيته. ويؤكد المواطن محمد بن لجهر من محافظة أحد رفيدة أن المحافظة على وجه الخصوص تشهد انتشارا كثيفا للمتسولين، ويستخدمون أطفالا ليستدروا عاطفة المارة، مما ينم عن قصور الجهات المعنية في المحافظة والمنطقة لمتابعة هذه الظاهرة، مشيرا إلى أن صمت تلك الإدارات عن ضبط أعمال التسول، مهد الطريق للقائمين عليها إلى ابتكار حيل جديدة وهي تسخير الأطفال لتلك الأعمال، دون مراعاة لسنهم وحقوقهم، فضلا عن كون ذلك يعكس سلبية تعاطي الجهات المسؤولة مع تلك الظاهرة التي تقدم المجتمع في صورة غير لائقة إلى الغير. وفي بعد آخر يرى المواطن محمد بن سعيد آل سالم أن طريقة المتسولين المتمثلة في نشر النساء والأطفال لدى كافة الإشارات الضوئية من محافظة أحد رفيدة إلى خميس مشيط، تنم عن أن الطريقة منظمة، وليست عفوية، وأن وراء ذلك عصابات تجمع الأموال، وقد تؤثر سلبا على أمن الوطن ومواطنيه، واعتبر أن المشكلة تفاقمت يوما بعد يوم في ظل غياب الجهات المعنية عن أداء دورها المتمثل في ضبط المتسولين، ومنعهم من استخدام الأطفال الذين لا ذنب لهم في مهمة شاقة وبصورة شبه يومية. وأكد آل سالم أنه يجب تتبع أوكار المتسولين وتقديم من يثبت تشغيله للأطفال للعدالة، فضلا عن اجتثاث المشكلة من أساسها وهو منع التسول من أصله، مضيفا أن منظر الرضع وذويهم يتقاذفونهم في أجواء غير مناسبة لا يتناسب مع قيم الدين الإسلامي، وتوجهات الدولة الرامية إلى حفظ وصون كرامة الإنسان. من جانبه أوضح مدير مكتب المتابعة التابع للشؤون الاجتماعية في منطقة عسير علي الأسمري ل "الوطن" أن الآلية المتبعة لعمليات الضبط هي أن تتولى الجهات المعنية في كل محافظة القبض على المتسولين وإحالة السعوديين منهم إلى مكتب المتابعة في الشؤون الاجتماعية لبحث حالاتهم، وإحالة المقيمين إلى إدارة الجوازات لمعرفة أوضاعهم ومدى نظامية إقامتهم من عدمه، لافتا إلى أن نسبة السعوديين المتسولين لاتتجاوز 7% من إجمالي المضبوطين، فيما يشير الناطق الإعلامي لشرطة منطقة عسير الرائد عبدالله بن علي آل شعثان إلى أن رجال الأمن يقومون بحملات تفتيشية لضبط المجهولين، وذلك بالتعاون مع جهات حكومية أخرى، معتبرا أن انتشار أعداد المتسولين في المنطقة يعود إلى عاطفة المواطنين الزائدة؛ حيث يجب أن تصرف الأموال للجهات الخيرية المعتمدة وليس لكل من هب ودب. ويؤكد المشرف العام على فرع هيئة حقوق الإنسان في منطقة عسير الدكتور هادي اليامي أن الفرع لديه خطة عمل مشتركة مع جهات حكومية في المنطقة لمنع استخدام الأطفال في عمليات التسول ، والعمل على صون كرامتهم بصرف النظر عن جنسياتهم أو مدى نظامية إقامتهم.