"لا أملك أي خيارات ..عمري لا يسمح بالاشتراطات.. الرجال الذين يكبرونني أغلبهم متزوجون"، بتلك الكلمات التي يتوشحها الخوف والقلق من المستقبل انفجرت وبكل جرأة "أشواق الحماد"، وأضافت أن "الزمن رسم خطوطه العشوائية على حياتي، وسيأتي اليوم الذي أفقد فيه أنوثتي في حال استمراري دون زواج، ستتقلص الخيارات أمامي لأقبل بعد ذلك بالشيخ الكبير، أو أن أكون زوجة ثالثة أو رابعة، بدلا من الثانية". "أشواق" وغيرها من الفتيات المقاربات لها في السن يرضين بالزواج برجل متزوج، مبررات ذلك حسب قول إحداهن "بالخوف من المستقبل، وجبروت العنوسة الذي لا يرحم". تقول مها "معلمة": تخرجت من كلية التربية عام 1415، ولم يكن لدي هاجس سوى أن أحصل على وظيفة، كثير من الأشخاص تقدموا لخطبتي، ولكنني لم أوافق ظنا مني أنهم يطمعون في راتبي، وكان جميع العائلة يشاطرونني الرأي. وتقول: بعد مرور الزمن أدركت أن هاجس الوظيفة يتغلب عليه هاجس آخر أكثر أهمية، ويسيطر على جميع مشاعري وانفعالاتي، وهو هاجس الزواج والاستقرار، وأن القطار بدأ يمر وأنا ما أزال عانسا، هنا ندمت على سنوات الضياع التي مرت من عمري. وتتابع مها: الآن أنا على الاستعداد لأن أقبل بزوج متزوج، فسني الآن لا تمكنني من الاختيار، ومستعدة لتقديم التنازلات سواء من الراتب أو غيره، حتى أستقر أسريا، وأرزق بأطفال ينورون علي ما تبقى من حياتي، فالأطفال والاستقرار الأسري أهم بكثير من الاشتراطات غير المنطقية. مشيرة إلى تطلعها إلى اللحاق بقطار الزواج، سواء بالارتباط برجل متزوج من واحدة أو ثلاث. أما شيخة الشمري فتقول وقد خالطت الفكاهة عباراتها: مازال البحث جاريا عن زوج متزوج، وله نصف الراتب، وأقول للمتزوجات "العوانس قادمات"، وعلى المتزوجات التماس العذر لنا، فنحن في فترة حرجة من عمرنا، وننشد الاستقرار في ظل رجل، حتى وإن كان متزوجا". وأضافت "على شريحة الفتيات اللاتي في مثل سني ويرغبن في الزواج برجل متزوج أن يحرصن على احترام الزوجة الأولى، وألا يتعمدن مضايقتها في حال تم زواجهن، وأن يفهمن بأنهن وافقن على مثل تلك الزيجات فقط من جانب التخلص من شبح العنوسة، والهروب من الوحدة". من جانبها تقول صفية الوايلي وهي ربة منزل ولديها أربعة أبناء: "ليس من العدل أن تفكر الفتاة في الزواج من رجل متزوج، فتلك التنازلات التي تقدمها الفتيات للزواج تدمر الأسر، وعلى الفتيات أن يتحرين الدقة في الاختيار، ويفكرن بالزوجات اللاتي لا ذنب لهن، فالرجال كثر ومنهم المطلق والمتوفاة زوجته، وهناك أيضا الجامعي العاطل عن العمل ويتمتع بالأخلاق العالية، ولكن لا حول له ولا قوة". وتتابع مازحة:" للفتاة التي تقول "العوانس قادمات" أقول لها "نحن المتزوجات لن نسمح بالدخيلات علينا، ولن نقبل بأن تخطف العوانس أزواجنا" في المقابل يقول "أبو طارق" (موظف حكومي): "لا أمانع في الزواج من فتاة تقبل بي، وهدفها التخلص من العنوسة، وأنا متزوج بثلاث، وسأضمن لها العيش الرغيد، فالعدل والمساواة هو الأساس في تعدد الزوجات، وهذا يرجع إلى ضمير الزوج". وأرجعت اختصاصية التربية الأسرية مسفرة الغامدي قبول كثير من الفتيات بالرجل المتزوج إلى عدة عوامل، وفي مقدمتها العوامل الاقتصادية والاجتماعية والأسرية، قائلة :"هناك أمران يقلصان الاختيار أمام الفتاة، الأول هو خوف الفتاة من أن قطار الزواج قد فاتها، فهي لا تملك حينئذ إلا أن تكون زوجة ثانية أو ثالثة، والأمر الآخر نابع من داخل الأسرة، ويتبلور في تعرضها للضغوط، ومنها الظاهرة أو الخفية، كنظرة الشفقة من قبل المحيطين بها، والأحاديث التي تدور حول الخوف عليها وعلى مستقبلها، مما يطوق عنق الفتاة، ويجعلها تقبل بالزواج بالرجل المتزوج". وأضافت أن بعض الأسر لديها ثقافات خاطئة، وتحبذ ارتباط بناتها بالرجل المتزوج، ويعتقدون أن لديه من الخبرات ما يمنعه من التعدي على حقوق الزوجة، وأنه أفضل من بعض الشباب الذين لا يقدسون الحياة الزوجية. مشيرة إلى أنها نظرة خاطئة، وليست مقياسا لاختيار الأزواج.