لا يعرف فريد خضير ما يجب عليه أن يفعله ولا يعرف أين يذهب.. كل الذي يعرفه أنه لم يرتكب ذنبا ولا إثما يستحق أن يقضي ما تبقى من حياته يسير على عكازين بعد أن فقد ساقه قبل أكثر من ثماني سنوات بسبب طلقة بندقية من جندي أميركي، لكن ما يعرفه خضير هو أن له حقا مستلبا وأن على الأميركيين أن يدفعوا له تعويضا عما اقترفوه بحقه. قال خضير (33 عاما) وهو متزوج وله ولدان إن دورية أميركية تعرضت في 15 مايو 2003 - العام الذي غزت فيه الولاياتالمتحدة العراق- إلى إطلاق نار من قبل مسلحين في إحدى مناطق جنوب بغداد ورد الجنود "بشكل قوي جدا" على مصادر النيران مما أدى إلى إصابته بطلقة في أسفل ساقه اليسرى. وأضاف "نقلت بعد ساعة إلى المستشفى. وهناك قالوا لي إنه لا حل إلا ببتر الساق. لكن بعد يومين وبعد إجراء الفحوصات قال لي الأطباء إني أصبت بالغرغرينا (موت الأنسجة وتعفنها) وقالوا لي إن الانتظار يعني الموت. وخيروني بين بتر فوري للساق من فوق الركبة أو الموت." ويتساءل خضير ومعه كثيرون من أمثاله من العراقيين قد يكون من الصعب إحصاؤهم عن مصيرهم، خصوصا أن الأغلبية العظمى منهم لم يعودوا قادرين على العمل بسبب العاهات الجسمانية التي أصيبوا بها. مع انتهاء الوجود العسكري الأميركي في العراق تظل ذاكرة العراقيين عامرة بالكثير من القصص والمواقف الصعبة والمؤلمة التي تسبب بها هذا الوجود في بلادهم لما يقرب من تسع سنوات، وبالأخص أولئك الذين باتوا يعانون من عاهات جسمانية. ومع إصابته التي تقول تقارير طبية عراقية إنها سببت له عجزا بنسبة 70 في المئة فإن خضير بقي لسنوات يعتبر نفسه محظوظا، لأنه لم يفقد إلا ساقا واحدة. ومازالت ذاكرته تحتفظ بصور لأناس شاهدهم أثناء مكوثه في المستشفى والذين كانت إصاباتهم أشد بكثير من إصابته. وقال "شاهدت أشخاصا كانوا يأتون بهم إلى المستشفى أيديهم مقطوعة أو أرجلهم مقطوعة، أو مصابين بإصابات أقوى بكثير من إصابتي... شاهدت أناسا كانوا ينزفون إلى أن يموتوا." وأضاف "عندما كنت في المستشفى وأنا أرى الضحايا... كنت أعتبر نفسي محظوظا.. كنت أقول الحمد لله والشكر، أنا فقط عندي ساق واحدة بترت." ولم يراجع خضير طيلة هذه الفترة أي جهة أميركية للمطالبة بحقوقه أو للمطالبة بتعويض، لأنه يعتقد أن على حكومته أن تقوم بمثل هذه الخطوة.