عبر خبراء أميركيون عن اعتقادهم بأن قرار الجامعة العربية بفرض عقوبات اقتصادية على سورية، يعد علامة على حدوث تحول عميق في اتجاهات الرأي بالمنطقة، تحت تأثير المشاهد التي تنقل من سورية عن أعمال القمع هناك، فيما اعتبر عدد من المحللين السياسيين والاقتصاديين العرب أن العقوبات خطوة أولى لتفعيل دور الجامعة العربية بعيداً عن عبارات "الشجب والإدانة"، بينما أكد مسؤول سوري رفض الكشف عن اسمه أن قرارات الجامعة مؤلمة وسابقة خطيرة. وأوضحت تعليقات متعددة بثتها أجهزة الإعلام الأميركية عقب اتخاذ القرار، أن أثر مقاطعة البنك المركزي السوري بصفة خاصة يمكن أن يسفر عن صعوبات جمة للاستيراد أو التصدير من وإلى سورية على نحو يمكن أن يؤثر على مواقف رجال الأعمال والتجار من النظام. ويتضح ذلك من أن أغلب التحليلات السابقة التي نشرت بشأن سورية أشارت إلى أن طبقة رجال الأعمال تنقسم بصفة عامة إلى العائلات التجارية القديمة التي لا ترتبط بالنظام بصفة خاصة وإن كانت تميل إلى التريث في اتخاذ مواقفها، ثم طبقة رجال الأعمال الجدد الذين ساعد على ظهورهم ارتباطهم الشخصي بالنظام وآليات الفساد واستخدام السلطة في تسيير أعمالها. وكانت علامات كثيرة أشارت إلى أن التجار القدامي بدأوا ينفضون من حول النظام مع تصاعد أعمال العنف. ويتوقع الخبراء الأميركيون أن تعجل الصعوبات التي ستكتنف التجارة مع سورية بعد قرارات الجامعة العربية من انفضاض هذه الفئة الاجتماعية المؤثرة من حول النظام. وتوقعت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية أن تؤدي قرارات الجامعة إلى تنشيط حركة التهريب من العراق ولبنان إلى سورية. بيد أن الصحيفة أوضحت أن من الصعب أن يعتمد السوريون لوقت طويل على السلع المهربة التي ستكون باهظة التكلفة بالنظر إلى طبيعة ظروف وصولها إلى الأراضي السورية. وفي السياق، أعلن مصدر حكومي سوري أمس أن قرار فرض عقوبات على سورية من شأنه أن يضر الشعب السوري كله، بل والعديد من شعوب العالم العربي أيضا. وقال المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) "قرار جامعة العربية سياسي بامتياز وسيضر الشعب السوري عموما وليس النظام". وأضاف "إننا أمام سابقة خطيرة لم نعهدها في التعامل مع العالم العربي، وما يحصل لا يشبه أي مرحلة مرت بها البلاد". وأوضح "لا شك أن القرارات مؤلمة ومحزنة ومؤثرة وسنسعى للخروج منها بأقل خسائر ممكنة". إلى ذلك، تجمع عشرات الآلاف من المتظاهرين أمس في دمشق لإدانة العقوبات التي فرضتها الجامعة العربية على نظام الأسد. ورفع المتظاهرون أعلاما سورية عملاقة، وصور الأسد وهم ينشدون الأغاني الوطنية. وتباينت مواقف المحللين للعقوبات، حيث يؤكد المحلل السياسي الدكتور مرعي مدكور أن هذه العقوبات تعد خطوة أولى على طريق تفعيل دور الجامعة العربية بعيدا عن عبارات الشجب والإدانة. وأضاف في تصريحات إلى "الوطن" أن "العقوبات الاقتصادية العربية ستزيد بالتأكيد من عزلة النظام السوري خاصة وأن هناك جهات دولية ومنها تركيا ستدفع باتجاه فرض تلك العقوبات، وذلك في ظل تدهور العلاقات السورية التركية، والتي كانت تعد نموذجا ناجحا للعلاقات بين دول الجوار، على خلفية الأحداث الدامية التي تشهدها سورية". ويرى أستاذ القانون الدولي والأمين العام لرابطة الجامعات الإسلامية، الدكتور جعفر عبدالسلام أن حزمة العقوبات الاقتصادية سيكون لها أثرها "على نظام بشار الأسد خاصة وأن سورية تعاني حاليا من أوضاع سياسية واقتصادية وأمنية واجتماعية سيئة". وقال ل"الوطن" إن "بعض الدول التي تربطها علاقات بنظام بشار الأسد، ومنها إيران، ستسعى إلى دعمه، لكن هذا الدعم لن يستمر طويلاً". أما الكاتب الصحفي والمحلل الاقتصادي حسن عامر فاعتبر أن حزمة العقوبات "هي مجرد رسالة للعالم الخارجي تقول إن الجامعة العربية فعلت ما عليها ونزعنا الغطاء العربي عن سورية"، مشيرا الى أن سورية لن تتأثر كثيرا بالعقوبات.