نفض معمر القذافي بعض الزغب عن ثيابه الذهبية الفضفاضة وصب لنفسه كوبا من الشاي وواصل محاضرته غير عابئ على ما يبدو بمن بدأوا يتثاءبون من حوله. كانت الساعة الثانية صباحا عندما كان رئيس زيمبابوي روبرت موجابي يغفو في أحد أركان القاعة. أظهرت النظرات الجامدة والوجوه العابسة للزعماء في قمة للاتحاد الأفريقي عام 2009 التي شاهدها الصحفيون عبر ثغرة في الستائر، كيف كان يشعر أغلب القادة الأفارقة تجاه من يسمى "بملك ملوك" القارة. تمتم دبلوماسي أفريقي قائلا "هنالك يؤدي المهرج عرضا" بينما هرول مندفعا من الحجرة وأبلغ الصحفيين المنتظرين أن ينالوا قسطا من النوم. والآن فقد قتل ودفن الرجل الذي ألقى أسلوبه المسرحي بظلاله طويلا على قممهم ويحاول زعماء الدول الأفريقية جنوب الصحراء تقييم ماذا سيعني العالم دون القذافي بالنسبة لهم وذلك وفقا لمقابلات أجريت مع أكثر من عشرة دبلوماسيين أفارقة في طرابلس. بعضهم حظي باستثمارات ضخمة وهدايا من خزائنه النفطية. لكن كثيرين أيضا امتعضوا مما اعتبروه تدخلا حتى حين كانوا يظهرون التضامن مع زميل أفريقي كان يرى نفسه ثائرا مناهضا للاستعمار. ويقول سفراء ودبلوماسيون أفارقة إنهم بدأوا بالفعل يشعرون بأثر انتقال السلطة من القذافي إلى أعدائه. ويشعر كثيرون بالجفاء من جانب المجلس الانتقالي الذي يحكم ليبيا حاليا. بل إن البعض يشك في أن الحكومة الجديدة تريد استعادة بعض هدايا القذافي. وأيا كان ما سيحدث فقد ذهبت رؤية القذافي لأفريقيا موحدة والتي كانت وهما دائما، إلى غير رجعة. وقال أحدهم "لقد جعلنا نشعر بأهميتنا. لكن لا توجه الدعوة لكثير منا للجلوس وتناول الطعام مع قادة المجلس الوطني الانتقالي". نشأ هذا الإدراك في جانب منه من اعتقاد دار بخلد مسؤولي المجلس الانتقالي والمسؤولين الغربيين بأن محاولة الاتحاد الأفريقي للتوسط خلال الحرب الأهلية كانت تهدف إلى حماية القذافي. وبالنسبة لقادة ليبيا الجدد سيكون الحلفاء الغربيون الذين ساعدوهم في الوصول إلى السلطة أكثر أهمية.