شوارع منى عامرة بألوان من الحجاج أمس، ذكورا وإناثا ينتشرون على أرض المشعر المقدس كخيوط بيضاء وسوداء تنساب من الجبال والجسور إلى الأودية والخيام. الكل يزحف وينتشر كضوء الفجر ليملأ المكان. في الطرق الداخلية تتباطأ الحركة، فثمة أصوات المتطوعين ب"صحونهم وملاعقهم" تدعوهم لضيافة مجانية طوال ثلاثة أيام.. وأكثر إن رغبوا. علت في هذه الطرقات دعوات "سبيل سبيل"، في مشهد مهيب يبحث فيه الجميع عن الأجر والثواب. هنا.. يقف فاعلو خير سعوديون بعربات صغيرة فوقها "أواني طبخ" مغلفة، يغرفون منها طعاما مختلفا ألوانه، ويقدمون ماءً ولبنا وما لذ من الحلويات، وفي دقائق تتوزع كبسات الأرز واللحم والدجاج في الصحون، ويقف أمامها كثير من الحجاج حائرين "لكثرة الخيارات"، شاكرين للمضيفين كرمهم وخدمتهم وحسن ضيافتهم بطريقتهم الخاصة. أمام كل مخيم في منى، عشرات الشبان السعوديين المرابطين تطوعا، لا يشغلهم سوى نداءات الحجاج لهم. يقفون بسعادة على رأس كل منهم ويبتسمون، وإن صرخ في وجوههم طالب خدمتهم. يقول أكثرهم حين يتحدثون مع "الوطن": هنا تعلقت قلوبنا منذ نعومة الأظافر. إنهم خادمو الحجاج ومضيفوهم.