مزج الأميران فيصل بن عبدالله وبدر بن عبدالمحسن الثقافة والفروسية في إطار إبداعي، أسفر عن مسرح غنائي ملحمي يروي في ثناياه قصة حضارة، ويتغنى بمجد الحصان العربي عبر نص يحمل عنوان "آخر الفرسان" ينفذه فريق عمل إسباني، قدم مساء أول من أمس في جدة مقاطع منه، أبهرت الحضور الذين تابعوا عرضا موسيقيا راقيا ينتظر أن يكتمل قريبا ليكون جاهزا للعرض في منطقة الويست إند بلندن إحدى أشهر مواقع المسرح العالمية بالتزامن مع أولمبياد لندن 2012، التي ينتظر أن تشهد تواصل منجز ونجاحات منتخب الفروسية السعودية طبقا للأمير فيصل الذي كان يتحدث بثقة وافتخار أول من أمس، واصفا الحصان بأنه كائن اختاره المولى عز وجل لبناء الحضارات كقوة على مدى أكثر من 5 آلاف سنة. وتابع الأمير فيصل: دعونا نتذكر حصاننا العربي كرسالة صاغها أصدقاؤنا الإسبان في مشروع حضاري حمل عنوان "آخر الفرسان". النص الذي كتبه الروائي الإسباني المقيم في الولاياتالمتحدة الأميركية ري ريدريجو هو نص قابل للامتداد التاريخي، بحسب رؤية الأمير فيصل التي تجسدت في أن الحصان العربي يحمل قيمة رمزية، ويمتد عبر كل الثقافات الإنسانية، وله حضور مهيب في تاريخنا وثقافتنا المحلية. انطلاقا من هذه الرؤية أراد الأمير فيصل أن يستخدم الحصان العربي بكل أبعاده الأركيولوجية بدءا برياضة الفروسية التي ينتظم على هامشها دائما في المحافل الدولية معرض يتمحور حول الحصان، يجول أهم متاحف العالم، رغبة في تفكيك الصورة النمطية عن المجتمع السعودي. المسرحية التي تشير إلى الملك عبدالعزيز باعتباره آخر الفرسان في التاريخ استطاع أن يوحد بلدا وينشئ كيانا على ظهر الحصان، تمتد زمنيا لمدة مئة عام، وتقدم المملكة كمجتمع وتاريخ وحضارة للآخرين، ليرى الآخرون ما يجمعنا بهم، من خلال عمل موسيقي يطمح أن يكون عالميا، ويخاطب كل الشعوب بلغة الفن. مخرج النسخة الإسبانية من العمل فيكتور كوندي كان حاضرا في مساء جدة برفقة فريق العمل ومنهم المنتج الإسباني كاتب النص وكاتب الموسيقى والمغني والمغنية ومصمم الديكور مورجان لادج، وكشف أن العمل أنجز منه جزء كبير، وستكون إسبانيا هي محطة إطلاق العرض الأولى قبل عرض مقدمة من المسرحية بالتزامن مع ألعاب لندن الأولمبية. وسيتولى إخراج عرض لندن مخرج إنجليزي لم يتم تحديده إلى الآن، على أن يكون العمل ناجزا في شكلها النهائي مع مطلع 2013، ليجوب العالم بعد ذلك حاملا رسالة حضارية تبرز الملك عبدالعزيز –رحمه الله- كآخر شخصية تاريخية وحدت بلدا وهو على ظهر حصان. وجاء اختيار فريق عمل إسباني لإنتاج العمل كون الإسبان هم الأقرب أوروبيا للثقافة العربية نظرا للعلاقة التاريخية الوطيدة بين الثقافتين. الأمير فيصل بن عبدالله قال ل"الوطن": إن نص العمل يتكئ على رواية تمتد من زمن الإمام فيصل بن تركي أحد حكام الدولة السعودية الثانية إلى زمن الملك المؤسس عبدالعزيز (آخر الفرسان)، واعتماد الكتاب النادر الذي بحثت عنه وحققته مكتبة الملك عبدالعزيز العامة، وهو كتاب عن أصول الخيل العربية، يحوي معلومات عن الخيول التي أهدى معظمها الإمام فيصل بن تركي إلى عباس باشا الأول منتصف القرن الثامن عشر تقريبا. ووصف العمل بأنه يجسد دعوة خادم الحرمين الشريفين إلى حوار الحضارات وتلاقي الثقافات، التي أطلقها – حفظه الله- وتبنتها هيئة الأممالمتحدة. حفل تقديم مقاطع من العمل في عرضه الأول بجدة حضره بالإضافة إلى الأمير فيصل والأمير بدر الأمير تركي بن عبدالله بن عبدالعزيز، والسفير الإسباني لدى المملكة وجمع من المثقفين والفنانين والصحفيين ورجال الأعمال، وخرج الجميع بانطباع جيد امتلأ تفاؤلا بعرض راق وبمواصفات عالمية حال اكتماله، ليعبر عن واقع حضاري ينشد من خلاله تجاوز الأفكار والصور النمطية عن المجتمع السعودي، وبلغة فن عالية الحساسية إبداعا.