أصيب المقاتلون الليبيون الذين تقدموا إلى أعماق سرت وهم يأملون في أن يتم استقبالهم كأبطال تحرير، بخيبة أمل فقد فر كل السكان تاركين وراءهم تذكارات ثمينة لمرحلة القذافي. ويمثل هذا أول اختبار حقيقي للهدف المعلن للحكومة الجديدة "ببناء ليبيا من كل الأطياف وتحقيق مصالحة سلمية بين مؤيدي القذافي ومعارضيه". ولكن ما ظهر يشيرإلى أن المصالحة مازالت بعيدة المنال. وبدا أن الناس في البلدة، وكثيرون منهم أفراد من قبيلة القذافي، قد غادروا المكان على عجل. وفي أحد المنازل كانت الملابس مبعثرة على الأرض بجوار حقائب نصف ممتلئة. ويبدو أن أيا ممن كان يقيم هناك كان يحاول تحضير حاجاته لكن الوقت لم يمهله. وغادر صاحب منزل تاركا وراءه جواز سفره. وفي مكان آخر تركت صور زفاف. وكان كثير من معارضي القذافي يعتقدون أن سكان سرت يعيشون حياة مترفة ويحصلون على نصيب كبير من إيرادات البلاد النفطية بسبب قربهم من الزعيم الليبي المخلوع. ولا توجد أدلة تذكرعلى ذلك، فالمنازل المهجورة في حي بوهادي متواضعة ومكونة من غرفتين أوثلاث غرف وغرفة جلوس بها حصير على الأرض حيث تجلس العائلة لتناول الوجبات. غيرأنها توجد مؤشرات عديدة على ولائهم للقذافي وهوأمر تسبب في غضب الثوار. ورفرفت الأعلام الخضراء لليبيا أثناء حكم القذافي على معظم المنازل بينما تم تغييرها في كل الأماكن الأخرى تقريبا بالعلم الليبي القديم. وفي أحد المنازل كانت توجد صورة لصاحبه مع القذافي. والزجاج الذي كان يغلف الصورة كان مهشما وكان أحد المقاتلين يشير إليه ببندقية كلاشنيكوف. ومنزل آخر بدا أنه يخص شخصا كان يشغل منصبا رفيعا في جيش القذافي. كانت توجد بالمنزل صورة كبيرة للقذافي على الجدران. وكانت توجد شهادة عسكرية ممزقة تشكر صاحب المنزل على خدماته لثورة الفاتح التي جاءت بالقذافي إلى السلطة. وتسرب دخان عبر الغرف. وقال الثوارإن المنزل يخص شخصا كان مقربا على نحو خاص من القذافي ولذلك أشعلوا النار فيه. وسار المقاتلون بين المنازل المهجورة وهم يصيحون "ليبيا حرة." واحتفلوا بالسيطرة على منطقة بوهادي بإطلاق نيران أسلحتهم والمدافع المضادة للطائرات. وأخذ بعض المقاتلين المتعلقات التي كانت بالمنازل. وخرجت شاحنات مقاتلي المجلس الانتقالي من المنطقة محملة بالسجاد والملابس والأثاث.