أعاد الحراك السياسي الذي تعيشه مصر في مرحلة ما بعد ثورة 25 ينايرالحياة إلى المقاهي الشعبية، التي تحولت طوال الفترة الماضية إلى "هايد بارك" يتواصل من خلاله نشطاء السياسة ونجومها مع الشارع. وهو ما يؤكد عليه الأمين المساعد لحزب "الحرية والعدالة"، الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين المهندس أحمد شحاتة، قائلاً "العبرة بطرق الأبواب التي يمكن من خلالها التواصل مع المواطنين، وحثهم على أن يكونوا إيجابيين، حتى يشعر الجميع أن مصر بعد الثورة قد تغيرت، وأصبح للأحزاب السياسية دورفعال وحقيقي بين أطياف الشعب، وهو ما جعل الحزب يعقد ندوة في الشرقية داخل إحدى مقاهي مدينة الزقازيق، والجميل أن الندوة جعلتنا نتواصل مع رواد المقاهي. ما قاله شحاتة هو نفسه ما تؤكد عليه تحركات عمرو موسى أمين عام الجامعة العربية السابق والمرشح المحتمل في انتخابات الرئاسة المصرية المقبلة، والذي وجد في مقهى بسيط بقرية "محلة مرحوم" بالغربية، مسقط رأسه، وسيلة للتواصل مع أهل بلدته، والذين ردوا له التحية ب "زفة شعبية" استخدموا فيها المزمار، ورقصات الخيول، ووجبة أكثر شعبية تضمنت "الفول والطعمية". وهو نفس ما فعله الدكتور محمد البرادعي، المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية والمرشح المحتمل لانتخابات الرئاسة المقبلة في مصر، حيث يلجأ أفراد حملته الانتخابية إلى استخدام المقاهي للتواصل مع الناس. أما مقهى "ريش" فاستعادت شبابها السياسي، والذي دفع البعض لأن يطلق عليها لقب "ملتقى جيل الستينات" بعد أن شهدت الميلاد الحقيقي لأبناء هذا الجيل، حيث لعبت دوراً مهماً في ظهور العديد منهم أمثال إبراهيم أصلان، وصنع الله إبراهيم، ويوسف القعيد، وجمال الغيطاني، وفاروق جويدة. وكما كانت المقهى لاعباً أساسيا في ثورة 1919 عن طريق المطبعة التي كانت موجودة في بدروم المقهى والتي كانت تستخدم لطباعة المنشورات والمطبوعات أثناء الثورة، كما كانت مقهى ريش المكان الذي اختاره الرئيس الراحل جمال عبد الناصر للإعداد لثورة 23 يوليو 1952. من جهته، يقول الكاتب الدكتور علاء الأسواني إن "علاقتك بالناس وبالشارع هي التي تحافظ على صحتك العقلية وموقفك، سواء كنت مبدعاً أو سياسياً، وفقدان علاقتك بهم تعني فقدان بصيرتك، هيمنجواي كان مرتبطاً بالصيادين، ماركيز كان يجلس مع الناس على مقاهي باريس، يحيى حقي كان يركب المترو، ونجيب محفوظ ليس من قبيل المصادفة أن يقيم ندوته في مقهى". وعلى مدى ثلاثة أشهر كاملة، رفض أصحاب مقهى ريش "مجدي وميشيل" الحصول على أي مقابل من روادها من شباب الثورة تكريماً لهم. وطوال تلك الأشهر الثلاثة تحول "صالون ريش الثقافي" إلى بيت مفتوح لأبناء الثورة يتبادلون فيه أفكارهم بحرية، وكأنهم يتحدثون بقلب مفتوح إلى أهلهم وذويهم. ويرى منير الفيشاوي (أحد ملاك مقهى الفيشاوي) أن سجل الزيارات الخاص بالمقهى يصلح أن يكون حائط مجد خاص داخل المقهى، حيث يقول الفيشاوي إن "المجلد يضم مجموعة من التوقيعات لعدد من كبار السياسيين من مصر والعالم، مثل الشيخ محمد عبده، وجمال الدين الأفغاني، وسعد زغلول، ومصطفي كامل، وجمال عبد الناصر، وأنور السادات، ومحمد نجيب". ويضيف الفيشاوي قائلاً "بعد ثورة 25 يناير ننتظر توقيع رئيس مصر المقبل".