في كثير من الأحيان تدخل مطعما أو مقهى فتجد في الغرفة الخاصة كثيرا من الحكايات والقصص التي يرويها شباب أو فتيات مكتوبة أو مرسومة، أو محفورة على جدران تلك الغرف بأسلوب ساخر، وترتسم علامات التعجب والدهشة عليك من المستوى التعليمي لهؤلاء الشباب أو الفتيات الذين يرسمون أشكال الأطفال على جدران تلك المواقع، رغم أن أغلبهم من الجامعات والمعاهد العلمية. سليم العرابي عبر عن دهشته مما قرأه على جدران أحد المطاعم الذي زاره مؤخرا برفقة أسرته، وهو من المطاعم الراقية بالمحافظة، حيث وجد كلاما نابيا على لسان كاتبه، مما جعلني انتقل لغرفة أخرى لعلي أجد شيئا يليق بوجود أسرتي بالمكان، فلم أجد إلا الشيء ذاته، مما دفعني لمغادرة المطعم نظرا لأن هذه الكلمات المكتوبة تخدش الحياء. ويرى عبدالله الزهراني أن "من يدخل تلك المواقع ليسوا مراهقون، بل هم فتيات أو شباب كبار بلغوا مرحلة النضج، ولكنهم لا يزالون يمارسون مراهقتهم على جدران الأماكن العامة، مشيرا إلى أن الأسر تتجمع بأطفالها وأبنائها وبناتها لقضاء أوقات ممتعة في هذه الأماكن، فيجدون بدلا عن ذلك سبا وشتما لتلك وذاك، وكشفا لمستور البيوت، وكأنهم يصفّون حسابات شخصية على حساب إتلاف عقول مجتمع وتدمير ممتلكات عامة". ويقول محمد سالم الغامدي إن المجتمع يجب أن يسعى لإيقاف ظاهرة الكتابة على الجدران بالشوارع والأماكن العامة، مؤكدا أن من يرى هذه الكتابات يشعر أن كاتبها شخص جاهل ومراهق، وأن من المؤسف وجودها في أماكن راقية يقصدها أسر وأفراد، مشيرا إلى أن ذلك غير مقبول، لأن هذه السلوكيات المنحرفة لبعض الشباب والفتيات أمر خادش للحياء، وتسبب حرجا لرب الأسرة. ورأى الاختصاصي الاجتماعي محمد الغامدي أن "كثيرا من تلك السلوكيات ما هي إلا انعكاس لواقع يعيشه ذاك الشاب أو تلك الفتاة، وتتمثل في غياب حرية إبداء الرأي، وقول ما يجول بعقولهم، وهي سلوكيات غير حضارية تنطوي على تشويه لأملاك عامة، وتعد على خصوصيات الأفراد". وأضاف أن "هذه الظاهرة تعبير عن خبايا نفسية سلبية تظهر كتصرفات وسلوكيات، لعدم قدرة هؤلاء الأشخاص على المواجهة، أو تغيير واقعهم، أو حل مشاكلهم، كما أنهم يفتقدون لكيفية التعامل مع واقعهم الذي يعيشونه، ومستوى العلاقة بينهم وبين مجتمعهم الذي يعيشون فيه". ويرى الغامدي أن "على الأسر أن تكون الموجه الأول لسلوك أبنائهم ، بالتقرب منهم، وبناء علاقات قوية من الاحترام وتبادل الرأي، حتى يكون لهم شخصية ورأي يجاهرون به أمام مجتمعهم، وحتى لا تجبرهم المشاكل والصعوبات الحياتية على الاختباء خلف كتابات مسيئة لهم قبل أن تكون لغيرهم، كما أن على المجتمع مدارس وجامعات زيادة الأنشطة اللاصفية لصقل شخصيتهم وتكوين آراء في كثير مما يواجهونه بحياتهم العملية والأسرية".