يحوّل بعض رؤساء الأندية ومجالس الإدارات، الأندية إلى ما يشبه الإقطاعات الخاصة حتى فيما يتعلق بجانب الإنفاق المالي فيها، على الرغم من أن أموالها تعد مالاً عاماً يفترض أن ينفق وفق الأصول المالية السليمة ووفق أنظمة ولوائح الرئاسة العامة لرعاية الشباب. وحصلت "الوطن" على كثير من الوثائق التي تؤكد خللاً كبيراً في طريقة الصرف في أحد الأندية (تحتفظ "الوطن" باسمه ومكان مقره)، وهو ناد لا يقبع في الظل، بل يطبق قواعد وأنظمة الاحتراف. وتعددت طرق الصرف المادي في هذا النادي، وشابها بعض التجاوزات، والمخالفات، وهو ما قاد إلى ابتعاد عدد من أعضاء الشرف عن دعم الأندية، وإلى هجرهم الأندية. التقرير التالي يتحدث عن بعض الجوانب في هذا النادي، ونمتلك وثائق تؤكد ما فيه، يمكن تقديمها لمسؤولي رعاية الشباب، فالغاية منها ليس التشهير بأحد، وإنما إصلاح الخلل. وما يشهده هذا النادي يحدث مثله ربما في أندية كثيرة تعيش حالة هدر مالي، وسوء صرف من المال العام، وعدم الإلمام بأنظمة رعاية الشباب. مليونا ريال في حساب الرئيس تتجلى أبرز المخالفات في تحويل مبالغ مالية كبيرة إلى حساب رئيس النادي وصلت إلى (2.450.000) ريال، في وقت ترفض فيه أنظمة الرئاسة العامة لرعاية الشباب هذا الأمر. وحوّل إلى حساب الرئيس مبلغ مليون ريال من حساب الاحتراف في النادي بتاريخ 1 /7 /2010 برقم السند (2) للإنفاق على معسكر الفريق الخارجي، وهو ما يخالف أنظمة الاحتراف التي تصر على صرف هذه المبالغ رواتب للاعبين، كما أنه لا تُسدد كلفة إقامة المعسكر إلا عن طريق البنك وبموجب اتفاقية تنص على أسعار الخدمات وهذا ما لم يتوافر في الصرف كما أنه لا توجد موافقة من مجلس الإدارة عليه. أيضا هناك حوالتان إضافيتان الأولى ب700 ألف ريال والثانية ب750 ألف ريال، وذلك برقم السند 245 بتاريخ 5/2/2011 كعهدة للصرف على الفريق الأول لكرة القدم، وهو الأمر الذي ترفضه أنظمة رعاية الشباب حيث تمنع التحويل لأي حساب خاص سواء لأعضاء مجلس الإدارة أو رئيس النادي. كما أن الأنظمة لا تجيز لرئيس النادي التصرف في الصرف من عهدته، ولا يجوز له أن يكون له عهدة من أموال النادي. ملابس من الخزينة من التجاوزات في هذا النادي أن رئيس النادي فصل 8 ملابس على حساب النادي بقيمة 1440 ريالا، وذلك بتاريخ 29/6/2010، وأضيفت الفاتورة إلى فاتورة سفر قيمتها 7500 ريال برقم السند رقم 273 ليصبح مجموع المصروفات في هذا السند 8940 ريالا. خبير لشركة خاصة استقدم رئيس النادي خبيراً أجنبياً لشركة عائلته (تحتفظ "الوطن" باسم الخبير وجنسيته) وأرسل خطاباً لأحد الفنادق التي يمتلكها عضو مجلس إدارة النادي عن طريق الشركة، وبعد قضاء الخبير الأجنبي أسبوعاً كاملاً في فندق عضو مجلس الإدارة سدد المبلغ بالكامل من خزينة النادي، وذلك برقم السند 240 تاريخ 30/1/2011، وكان إجمالي المبلغ 6177 ريالا. مخالصتان للاعب محترف في هذا النادي أجريت مخالصتان لمحترف عربي (م .م)، كانت قيمة الأولى 70 ألف ريال بتاريخ 29/1/2011 استلمها اللاعب بتوقيع مدير الاحتراف، ووقع إقرارا على اللاعب أنه استلم مستحقاته كافة ولا يحق له أن يطالب بأي شيء بعد ذلك. لكن المفارقة أنه تم توقيع شيك آخر بقيمة (94.380 ريالا) بتاريخ 24/3/2011 باسم أحد العاملين لدى شركة رئيس النادي، وأُوضح على سند الصرف والشيك أن المبلغ باقي مستحقات للاعب ومخالصة. وكانت هذه المخالصة قد ذيلت بتوقيع لوكيل اللاعب الذي تتعامل معه إدارة النادي في معظم تعاقداتها. مبالغ لأشخاص خارج النادي أكثر من 500 ألف ريال سعودي صرفت لحسابات شخص لا يعمل في النادي، وتحديداً في إحدى الشركات الخاصة بعائلة رئيس النادي، وهو الأمر الذي ترفضه الأنظمة، وذات الأمر ينطبق على صرف مدير الاحتراف مبالغ مالية قدرت ب1000 ريال لمدير الملعب و1500 ريال لمدير الصيانة في الملعب نفسه التابع لرعاية الشباب وليس تابعاً للنادي، تحت بند تركيب لوحات إعلانية في بعض المباريات. إصلاح سيارة أحد الإعلاميين ومن المخالفات الصريحة، إصلاح سيارة أحد الإعلاميين (تحتفظ "الوطن" بجهة عمله) بقيمة (14.250 ريالا) وشملت الفاتورة المعلومات التالية (قيمة تغيير الصدام الخلفي مع اللمبات مع الشنطة وسمكرة الرفرف الأيمن والأيسر) وصرف هذا المبلغ بتوقيع مدير الاحتراف. شركة تدير أحد العاملين في منصب كبير وحساس في النادي يملك مؤسسة فردية للنسخ والتصوير، استطاع أن يكسب من النادي (مئات آلاف الريالات) حيث تحولت شركته الصغيرة إلى دعاية وإعلان، وكذلك توفير الأعلام والشعارات للنادي، واحتياجات رابطة المشجعين، وتأجير مولدات كهرباء وكشافات كهربائية وسماعات، وتأجير السجاد وجلب الكمبيوترات للنادي وغيرها من مستلزمات النادي. واستغل صاحب المؤسسة الفردية العلاقة المتينة بينه ورئيس النادي لتصبح مؤسسة النسخ والتصوير التابعة له هي الموفر لمعظم احتياجات النادي. معسكر خارجي في المعسكر الذي أقامه النادي خلال الصيف الماضي وجدت تأشيرات للاعبين وعاملين لم يلتحقوا بالمعسكر نهائياً وذلك حسب السند رقم 99 تاريخ 15/10/2010، وكانت قيمة التأشيرة للبلد الذي أقيم فيه المعسكر (750 ريالا) والتأمين الصحي (250 ريالا)، ومن الملاحظات الواضحة في كشف التأشيرات أن هناك أسماء لاعبين مضافين لقائمة المغادرة للمعسكر تلعب لأندية أخرى حيث انتقلت من النادي إلى أندية أخرى قبل عام أو عامين. شكوى مكافآت الفوز في هذا النادي رفع بعض اللاعبين شكوى رسمية للشرطة حولت فيما بعد إلى المحافظ ثم إلى اللجنة القانونية في الاتحاد السعودي، حول مكافآت فوز وعدت بها الإدارة بعد تعادل الفريق في إحدى مباريات دوري زين الموسم الماضي ثم تراجعت عن ذلك. لكن بعض اللاعبين فوجئوا أن المكافأة مصروفة واستلمت من قبل مدير الاحتراف بموجب الشيك رقم 921985 والسند رقم 569 بتاريخ 21/3/2010 وتبلغ قيمة المكافأة 139 ألف ريال معتمدة من رئيس النادي الذي وقع على أمر صرفها. أنظمة ومخالفات نصت لوائح رعاية الشباب في عدد من لوائحها على رفض هذه التصرفات في أي ناد، حيث تؤكد اللائحة المالية للنادي الرياضي في مادتها ال(9) من الفصل الثاني على أنه "لا يجوز صرف أي مبالغ إلا بقرار من مجلس إدارة النادي وفي حدود الأنظمة والتعليمات الصادرة بذلك". أما المادة (11) من الفصل الثاني فتنص على أن يرفق بالصرف المستندات المؤيدة لصرف المبلغ وهي أن ترفق الفاتورة الأصلية موقعة من البائع باستلام المبلغ ومختومة بختم المحل. من جانبه أشار عضو مجلس إدارة في النادي المعني بهذه المخالفات (تحتفظ "الوطن" باسمه) إلى أن مجلس الإدارة لا يعلم أي شيء عن هذه الأمور في النادي، وأن رئيس النادي يتفرد بالقرار مع بعض معاونيه الثلاثة، وأن المجلس لا يعلم أي شيء نهائيا عن هذه المخالفات. وأبدى العضو استغرابه مما ذكرنا له في التقرير، وقال "كنت أشعر بشيء غريب في النادي، لكن لم أكن أتوقع أن يصل الأمر إلى هذا الوضع". وأضاف "أطالب رعاية الشباب بالتدخل من أجل مصلحة النادي وفتح تحقيق واسع لمعرفة المستفيدين من النادي، خصوصاً أن النادي دخل أزمات مالية كبيرة، وكانت رواتب اللاعبين والعاملين تتأخر بالأشهر". لجنة تحقيق من جانبه أكد المستشار القانوني خالد أبو راشد بعد أن أطلعناه على بعض المخالفات أن "الأمر كبير خصوصاً الحوالات التي في حساب الرئيس"، مؤكداً أن النظام يمنع أن يكون هناك حوالات من حساب النادي في الحسابات الخاصة سواء كانت حسابات الرئيس أو غيره من أعضاء مجلس الإدارة. وأضاف "الوضع خطير ويجب أن يواجه الرئيس بهذه المستندات وأن يبين أين صرفت هذه الأموال". وتابع "الأموال التي تدخل خزائن الأندية لا تصرف إلا فيما يتعلق بأمور النادي فقط، ولا يحق لأحد كائنا من كان أن يحولها في حسابه الخاص، وكل مصروف يجب أن يدعم بفواتير وسندات". وأكمل "يجب ألا يصرف أي ريال في النادي إلا بموافقة أعضاء مجلس الإدارة، وإذا كان هناك حوالة في حساب شخص، فيجب أن يكون المجلس على علم بذلك، إضافة إلى أنه يجب أن يكون هناك مبررات لذلك". وعندما أطلعناه على بعض المخالفات الأخرى طالب أبو راشد أن تشكل لجنة للتحقيق في هذه الأمور من قبل رعاية الشباب.