تتسارع التطورات في ليبيا باتجاهين متناقضين: الأول يتمثل في الضغوط التي يمارسها التحالف الغربي والثوار لإسقاط نظام العقيد معمر القذافي، والثاني يتمثل في إصرار العقيد على إحراق بلاده مقابل التمسك بالسلطة. وفي هذا الإطار يؤكد القذافي أنه مستعد للمقاومة حتى النهاية، في حين أجرى وزير خارجيته عبد العاطي العبيدي محادثات في موسكو أمس مع نظيره الروسي سيرجي لافروف، في محاولة لإيجاد تسوية، وذلك بعدما دعت روسيا إلى تنحي القذافي مع رفضها الاعتراف بالثوار كسلطة. وصعد التحالف الغربي من ضغوطه السياسية والعسكرية، حيث شدد الضربات العسكرية ضد مواقع النظام الليبي في البريقة من دون أن يسمح للثوار بدخولها، وبعث بإشارات سياسية إلى طرابلس، حيث دعا وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه أمس لابتعاد العقيد عن الحياة السياسية إذا ما أراد البقاء في البلاد، جاعلا من ذلك شرطا لوقف إطلاق النار أيضا. أما واشنطن فاعتبرت أن القذافي يخسر سيطرته على البلاد. وفيما كان الثوار بمساعدة الحلف الأطلسي يعززون مواقعهم في الغرب ويحاولون السيطرة تماما على مدينة البريقة النفطية في الشرق، أكد القذافي أنه لن يستسلم. وقال القذافي في خطاب بثته مكبرات الصوت على أنصاره الذين تجمعوا في العزيزية على بعد 50 كلم من طرابلس "ملايين الليبيين معي. نحن في أرضنا وسنقاتل حتى آخر قطرة من دمنا دفاعا عن شرفنا ونفطنا وثرواتنا". وأضاف "هذه الحرب فرضت علينا، وخيارنا الوحيد هو أن نقاتل، رجالا ونساء وأطفالا، بسلاح أو من دون سلاح لتحرير بنغازي ومصراتة" والجبال الواقعة جنوب غرب العاصمة، وكلها مناطق يسيطر عليها الثوار. وقال القذافي "سنزحف على هذه المدن التي استولى عليها الخونة ومرتزقة النيتو ونستعيدها. قنابل النيتو لا تخيفنا". من جانبه، أعلن البيت الأبيض أن "كل المؤشرات" تدل على أن الزعيم الليبي على وشك فقدان سيطرته على بلده وأنه يواجه أزمة إمداد نظامه بالمحروقات والسيولة. من جانبه أكد رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي مصطفي عبد الجليل أن القذافي "لن يتنازل أو يترك حكم ليبيا وهو حي". وقال المتحدث باسم الرئاسة الأميركية جاي كارني إن "كل المؤشرات تدل على أن الوضع يتطور في غير صالح العقيد القذافي". وأضاف أنه "يسيطر على مساحة أقل من الأراضي والمعارضة تشن هجمات في عدة مناطق من البلاد". وأوضح أن "تمويل القذافي بالمحروقات والسيولة قد توقف". ميدانيا، أعلن الثوار أنهم يحاولون التقدم أكثر داخل موقع البريقة النفطي الاستراتيجي بعد مواجهات عنيفة خلال الأيام الأخيرة حول المدينة، لكن النظام أكد أنه صد هجومهم. وقال عبد الرزاق العرادي العضو في المجلس الوطني الانتقالي الهيئة السياسية للثوار الليبيين بعد تفقده الجبهة إن "قوات النخبة (في كتائب القذافي) انسحبت. لقد رحلت. الجنود الذين بقوا في المدينة محاصرون". وقال متحدث باسم الثوار إن ما بين 150 و200 جندي من قوات القذافي لا يزالون في موقع البريقة النفطي. من جانبه، رفض الكولونيل رولان لافوا المتحدث باسم قوة الحلف الأطلسي في ليبيا التعليق على الموضوع، مؤكدا أن "الوضع في البريقة يتبدل باستمرار". وقال طبيب في أجدابيا إن 18 معارضا قتلوا وأصيب ما يصل إلى 150 في اشتباكات جرت الثلاثاء مع قوات القذافي للسيطرة على مدينة البريقة. وفي الغرب، يجهد الثوار لتأمين المناطق التي سيطروا عليها تمهيدا لشن هجوم على طرابلس معقل النظام. وقال الثوار إن كتائب القذافي لا تزال تقصف مواقعهم حول الزليتن (غرب) بهدف منعهم من التقدم نحو وسط المدينة. وفي الجنوب الغربي، يستعد الثوار للمعركة المقبلة وفق ما أكد قائد عسكري في القواليش مضيفا "نأمل أن تحصل المعركة قبل شهر رمضان" من دون أن يستبعد وقوعها خلال رمضان. وجنوب مدينة مصراتة التي تبعد 200 كلم شرق طرابلس، قتل سبعة متمردين على الأقل وأصيب 23 آخرون في معارك ليلا ضد قوات القذافي، وفق مصادر الثوار التي أكدت صد هؤلاء. وفي باريس استقبل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي قائدين عسكريين للثوار في مصراتة حضرا لطلب مزيد من المساعدة الفرنسية.