السعودية تجمع ترمب وبوتين    "الهلال" يُصدر بياناً إعلاميّاً يستغرب خلاله من الحالات التحكيمية في مباراته أمام الرياض    سيدات القادسية إلى نهائي كأس الاتحاد السعودي    رابطة العالم الإسلامي تُدين جريمة الدهس بميونخ    تحت رعاية الأمير مشعل بن محمد.. تكريم رواد التطوع في حفلٍ مجتمعي بالرياض    السعودية تدين وتستنكر حادث الدهس الذي وقع في مدينة ميونخ    غونتر: بداية قوية.. وأوليفر: المنعطف الأخير «محبط»    وزير الرياضة: نتطلع لاستضافة دورة الألعاب الآسيوية الشتوية" نيوم 2029″    بعد تألقه مع النصر.. دوران يحظى بإشادة كولومبية رهيبة    زراعة عسير تطلق فعالية خيرات الشتاء    الهلال يتعثر في الرياض    إطلاق مبادرة «لحومنا آمنة» في خميس مشيط    وزير الخارجية يلتقي عضو مجلس الشيوخ الأمريكي فان هولين    زيلينسكي: لن أجتمع ببوتين إلا في وجود خطة مشتركة مع أميركا وأوروبا    الفتح يستفيق بالفوز على الاتفاق    القبض على بنغلاديشي ومواطن في القصيم لترويجهما «الإمفيتامين»    هيئة فنون العمارة والتصميم تحتفي بمرور 5 أعوام على تأسيسها    الترجمة والذكاء الاصطناعي بين دقة التقنية ولمسات المترجم البشري    الشركة السعودية للكهرباء تنجح في إصدار صكوك دولية ثنائية الشريحة بقيمة 2.75 مليار دولار تشمل شريحة خضراء    الأمير عبدالإله بن عبدالرحمن آل سعود يزور معالي الشيخ علي بن شيبان العامري    جمعية أسر التوحد توقع مذكرة تفاهم مع شركة رانج لتعزيز التعاون الإعلامي والتسويقي والمعارض    مدير الشؤون الإسلامية يجتمع بمنسوبي الفرع ويناقش تجهيزات المساجد لاستقبال شهر رمضان المبارك عبر البث المباشر    إعادة النبض لمعتمر باكستاني في الحرم المكي    «البيئة» ترصد هطول أمطار في 7 مناطق.. والرياض تسجّل أعلى كمية    رئيس هيئة الغذاء والدواء يبحث فرص الاستثمار مع ممثلي شركات طبية أمريكية    منصة توقيع الكتب.. تجربة فريدة في معرض جازان للكتاب 2025    السعودية تشيد بالمكالمة الهاتفية التي جرت بين الرئيسين الأميركي والروسي    السعودية ضمن أكبر 10 أسواق عالمية في تخزين الطاقة    إمام وخطيب المسجد الحرام: اتركوا أثراً جميلاً في وسائل التواصل.. لتبقى لكم بعد مماتكم    خطيب المسجد النبوي: الذنوب تمحى بالاستغفار ما لم تبلغ الكفر والشرك بالله    الهيئة الملكية لمدينة الرياض: 18 مليون مستخدم لقطار الرياض منذ افتتاحه    منفذ الوديعة: إحباط تهريب 17 ألف حبة «كبتاجون» و4 كيلو حشيش    «سلمان للإغاثة» يختتم 3 مشاريع طبية تطوعية في دمشق    (رسالة مريض ) ضمن مبادرة تهدف إلى تعزيز الدعم النفسي للمرضى.    ارتفاع أسعار النفط    هدية مجهول في عيد الحب تتسبب في مقتل فتاة    اعتزال الإصابة    «غير النفطية» سجلت 40 % من الإيرادات.. و115 ملياراً إجمالي العجز    فنون أبها تختتم ليالي الفوتوغرافيين الشتوية    إلياس وبخاري يتقبلان التعازي في فقيدتهما    الرياض تحتفي بإبداعات عمر خيرت في ليلة تاريخية    جودة الحياة في ماء الثلج    «بوصلة التنافسية» تعزز الاقتصاد «الأوروبي»    اختزال القضية الفلسطينية    العنوسة في ظل الاكتفاء    لماذا التشكيك في رجاحة عقل المرأة..؟!    القوة الجبرية للمتغيب عن جلسات القضايا الزوجية    في يوم النمر العربي    محمد بن فهد.. ترحل الأجساد وتبقى الذكرى    عطني المحبة كل المحبة.. عطني الحياة..!    ذاكرة التاريخ ونسق الثقافة والجغرافيا    أيهما أسبق العقل أم التفكير؟    مدير عام تعليم مكة يدشّن المعرض الفني واحتفالية يوم التأسيس    إحتفال قسم ذوي الإعاقة بتعليم عسير بيوم التأسيس السعودي    نائب أمير الشرقية يستقبل أعضاء مجلس إدارة جمعية "إطعام"    الحلم النبيل.. استمرار للمشروع السعودي    سعود بن خالد رجل من كِرَام الأسلاف    ثمن المواقف الأخوية الشجاعة للسعودية والأردن ومصر.. الرئيس الفلسطيني يشدد على اعتماد رؤية سلام عربية في القمة الطارئة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عيسى: على الشعرية العربية أن تفكر بمستقبلها لا في جماهيرتها
قدم من روسيا للسعودية ويرى "درويش" شاعراً يتكئ على السماء وينظر إلى أعلى
نشر في الوطن يوم 06 - 07 - 2011

في أواخر الثمانينيات الميلادية والاتحاد السوفيتي يتفكك، لم يكن يتخيل أنه سيحط في قلب موسكو، ويتقن اللغة الروسية، بل سينحي الشعر جانبا، لفترة ينجز فيها دراسة عن أربعة شعراء عرب لينال شهادة الدكتوراه في الأدب من جامعة موسكو.
الشاعر الفلسطيني عبدالله عيسى، يزور المملكة هذه الأيام بدعوة خاصة من وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة في رحلة هي الأولى له يصفها بأنها رحلة ثقافية روحية، ويقول ل"الوطن": أمر مذهل أن أحل على الأراضي المقدسة، وكل ذرة فيها تمثل لكل مسلم الكثير.
(الكلمة والروح في الشعرية العربية)، هو عنوان أطروحة الدكتوراه التي تناولت أربعة شعراء مهمين (السياب، درويش، أدونيس، بنيس). يقول عيسى: هؤلاء كان لهم دور في تطوير الشعرية العربية عبر تحولات، أنا أتحدث عن الجديد في الشعر العربي وليس عن المعاصر، المعاصر هو اليومي الذي يمكن أن يفنى مع اليوم، أما الجديد فهو ما يبقى، المتنبي شاعر جديد عبر كل العصور، تحدثت في البحث عن الانتقال من الكلمة إلى الجملة الشعرية من الصورة الشعرية إلى الرمز الشعري والاستعارة إلى الأسطورة، كل هذه التفاعلات الحقيقة اشتغلت عليها في دراستي.
ويرى عيسى أن راهن القصيدة العربية في حالة ثبات قائلا: هناك الآن الكثير من الشعراء المعاصرين الذين يمكن أن يصبحوا شعراء الملايين ولكن لا يمكن أن يبقوا في التاريخ. على الشعرية العربية أو الأدب بشكل عام أن يفكر في مستقبله لا في جماهيرته. في كل بلدان العالم هناك أزمة في القصيدة، في فرنسا كانوا يقولون إن هناك ستة أو سبعة شعراء يكتبون قصيدة واحدة، ناهيك أن هناك بعض المؤسسات التي تريد أن تقدم شعرية ما على حساب النص الجميل أو تقدم شعرا على حساب الشعرية، الأساسي علينا أن نفكر كعرب بشكل أعمق من ذلك، لدينا أزمة ثقافة بشكل عامل وليس في الشعر فقط.
مطلع التسعينيات بدأت علاقة عيسى بروسيا بالاتفاق بين اتحاد الكتاب الفلسطينيين واتحاد الكتاب الروسي لأجل أن يدرس في معهد مكسيم غوركي للإبداع وهو معهد تخرج فيه أهم الشعراء والكتاب السوفيت. هناك شهدت حياته تحولا يصفه بقوله: موسكو هي إحدى العواصم الثقافية في العالم، في كل يوم نحو ألفي مسرح يعمل، ونحو ألفي صالة موسيقية تقدم عروضا موسيقية، وبالتالي لا يمكن على الإطلاق إلا الحنين لهذا الكم الهائل من الثقافة التي تقدم بشكل يومي، الشعب الروسي لحد كبير شعب مثقف، هناك كم هائل من حاملي الثقافات بما فيها الثقافة العربية، وبالتالي ثمة تواص، ناهيك عن أن نحو 25% من سكان روسيا هم من المسلمين، وبالتالي لا تجد نفسك هناك غريبا، لاسيما بعد أن تتعلم اللغة الروسية وتستطيع أن تعيش مع الروس.
تعايش عيسى مع الروس، وانخرط في الحياة الثقافية تماما ما يجعله يؤكد على أنه في روسيا لا يمكن أن تفصل بين أنواع الإبداع، هناك تفاعلات داخلية وحالة تؤامة بين كل الفنون، الثقافة الروسية في حالة تزاوج، المسرحية تقدم لك نصا شعريا، الممثل يقوم بقراءته، هذه طاقة ليست موجودة في أي عاصمة عربية بلا أدنى شك.
لكن كيف تماهى عيسى مع المشهد الثقافي الروسي وهو الفلسطيني ابن المنافي العربية؟ يوضح ل"الوطن": علينا أن نعلم أن الثقافة والأدب الروسيين كانا على حالة تلاقح استثنائية مع الثقافة الإسلامية، القيصرة كاثرينا أصدرت المرسوم الأول لترجمة معاني القرآن الكريم، أيضا لا ننسى الشاعر الأكبر بوشكين كتب محاكاة للقرآن الكريم، وله قصيدة النبي، والكاتب غوغل كان يعطي محاضرات في ليننغراد عن الثقافة الإسلامية وكان يسافر لها من موسكو بوشكين ليحضرها، ناهيك عن علاقة تولستوي بالإمام محمد عبده وتبادلهما المراسلات. هناك شعراء كبار مثل بورين كتب قصائد عن الكعبة المشرفة وأخذ اقتباسات من القرآن الكريم كمقدمة لهذه القصائد ومنها إنا أعطيناك الكوثر، ناهيك عن جماليوف زوج أنا أخماتافا، والد المؤرخ الشهير جماليوف، كل هؤلاء كانت لهم علاقة استثنائية بالثقافة الإسلامية، وبالتالي لن تجد أي روسي إلى حد كبير بعيد تماما عن الثقافة الإسلامية، خاصة وأن هناك حالة تعايش استثنائية بين الثقافتين الروسية والإسلامية، طالما ذكرنا أن هناك 25% من سكان روسيا مسلمين، وليسوا مهاجرين على الطريقة الأوروبية بل سكانا أصليين لروسيا الاتحادية، وبالتالي لا يمكن القول بأن هناك ثقافة روسية دون أن تكون هناك مؤثرات حقيقية إسلامية.
ويؤصل عيسى رؤيته مستشهدا بقوله: إذا تحدثت عن مدرسة الاستشراق الروسية التي قدمت الثقافة العربية وعيون الثقافة الإسلامية، لن تجد المدرسة الاستشراقية استعمارية على الطريقة الغربية، بل هي استشراقية استشرافية حقيقية تقدم الثقافة معنية بالمعرفة والعلم إلى الروس، كثقافة قائمة على السلام والمحبة والتواصل الحضاري. وقدمت المضيء في هذه الثقافة للقارئ الروسي. ولكن بعد انهيار الاتحاد السوفيتي بدأت هذه المدرسة تعاني الكثير من المصاعب بما فيها المالي، وبالتالي حجم التواصل في هذا الاتجاه وصل لأشد حالاته سوءا.
ولإعادة التواصل مثلما كان عليه في السابق، يقول عيسى: عليك أن تقدم الثقافة العربية دون أن تقوم بتلقين الروسي، لأن الفرد الروسي متطور عني بكثير، هو في حالة تعايش اثني، ومثقف بشكل هائل واختلاف حضاري وتعليمي وثقافي، فبالتالي علي أن أقيم حالة حوار معه، أن أفكر معه خاصة في هذا الظرف الذي يعاني فيه العالم العربي. فعلى هذه الدول أن تقدم ثقافتها بشكل راقٍ، وللأسف الكثير من المنظمات الاجتماعية العربية في موسكو لم تستطع أن تنهض بالمشروع الثقافي العربي كما هو في باريس على سبيل المثال، هناك محاولات، لكن كل المنظمات تعاني من الكثير من القضايا بما فيها الدعم المالي، هناك أيضا الكثير من المثقفين العرب في موسكو يحملون معهم الخلافات العربية. هناك كم هائل من المثقفين الروس يبحثون عن الإبداع العربي، وهناك حنين للتواصل. هناك بعض المنابر المفتوحة. الأكاديمية السعودية في موسكو لها دور في تحريك الحياة الثقافية العربية منذ التسعينيات، هناك مؤسسات ثقافية مصرية تسهم في خلق حالة تواصل، ولكن كلها تظل في دائرة أكاديمية محدودة.
أدونيس الأصعب ترجمة
كتابة أطروحة الدكتوراه بالروسية كانت تقتضي ترجمة قصائد من العربية، عن هذه التجربة يقول عيسى: عندما تترجم من لغتك إلى لغة ضيفة عليك، لغة لا تحملها منذ طفولتك تكون العملية أصعب، الحقيقي استطعنا أن ننقل روح هؤلاء الشعراء، خاصة وإنني أتحدث عن حالات استثنائية، بلا أدنى شك كان الأكثر صعوبة في الترجمة هو أدونيس، إضافة إلى أن هناك حالات من الشعرية القصوى التي وصل إليها محمود درويش، وكان من الصعب جدا ترجمتها، خاصة تجاربه بعد 82 (أرى ما أريد) (لماذا تركت الحصان وحيدا) و(الجدارية)، هناك شعرية خاصة حتى إنني أسميته (الشاعر الذي يتكئ على السماء وينظر إلى أعلى)، سماء الشعرية العربية. وبقيت الترجمة في إطارها الأكاديمي ولكن كان ثمة احتضان لهذه الرسالة ووزعت بشكل جيد في الجامعات، وتعتبر إحدى بواكير الرسائل الجامعية التي تحدثت عن الشعر العربي الحديث في النصف الثاني من القرن العشرين.
يكتب عيسى الذي حل ضيفا على الإذاعة والتلفزيون السعودي قصائد بالروسية، لكنه يقول إنه لا يجرؤ على نشرها ويضيف: الروسية كالعربية هي لغة استعارة، هناك إمكانية مطلقة لخلق علاقات جديد بين الكلمات والخروج إلى معجمية جديدة، كثيرا أشعر أن الروسية تخدم كثيرا لكتابة الشعر، وبلا شك أن العربية أغنى، تبقى أي لغة تحملها هي أشبه بالاستغاثة فيما روحك هي اللغة الأم. هناك مساحات من اللغة العربية لا يمكن أن تترجمها، وطبعا أنت حين تبكي لن تبكي بالروسية أو حين تحب لا تحب بالروسية، هي مشاعر إنسانية واحدة، لكن هناك جمالية خاصة بتعلم اللغة الروسية، قرأت الأدب والشعر الروسي في لغتها، فتشعر أن هناك الكثير من المفقود جماليا حين ترجمته للعربية، إذ لا يوجد على الإطلاق مترجم عربي استطاع أن يوصل روح الشعر الروسي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.