إيقاف تأشيرات الاستقدام من إندونيسيا والفلبين، وإجازة الصيف، وقدوم رمضان، والعيد فتحت سوقا سوداء للخادمات الإثيوبيات، وكذلك تهريبهن إلى المناطق بطريقة مخالفه للأنظمة، وتفشي أوكار الدعارة وبات الأمر يحمل كثيرا من الأخطار على الأسر من أولئك الخادمات، فهن يشترطن رواتب مغرية، وإجازة يومين، والنوم خارج المنزل، والخروج مبكرا. أولئك الخادمات لا يحملن سوى عباءاتهن وجوالاتهن التي لا يهدأ رنينها قط، فهن مخالفات، ولا يحملن أي أوراق ثبوتية، ولا تدري أي أسرة مدى سلامتهن من الأمراض، فالكثيرات منهن مصابات بأمراض يستحيل أن يعترفن بها للأسر التي ترغب في العمل لديهم، والغريب في الأمر أنهن يتقاضين مرتبات عالية جداً بالمقارنة مع باقي الجنسيات، بالإضافة إلى توجه الكثير من المواطنين إلى استغلال دفتر العائلة لتهريب الخادمات عبر النقاط الأمنية بغية المال، والمتعة. لجأت إليهن مكرهة التقت "الوطن" ببعض ربات المنازل ممن تعمل أو عملت لديهن عاملة حبشية، (أم ياسر) تقول "بعد انتهاء فترة عمل خادمتي الآسيوية لجأت مكرهة لاستخدام عاملة حبشية نظراً لأنني كنت في مرحلة ولادة، فكان من الضروري وجود عاملة للاعتناء بالمنزل والأطفال وبالفعل قدمت إلي واحدة عن طريق إحدى قريباتي، تعمل لديها عاملة حبشية أحضرت قريبتها للعمل لدي، بعد أن قدمت وصفاً جميلاً لقريبتها وكيف أنها مخلصة ومتفانية في العمل وبالفعل قدمت إلي وكانت كثيرة الشروط لأنها تعلم حاجتي الشديدة لخادمة وبالطبع كان أول الشروط ألا يقل راتبها عن 1500 وأن تكون واجباتها محددة وفي أوقات محددة أيضاً, إضافة إلى إعطائها يوم إجازة تذهب فيه خارج المنزل، وعند سؤالنا أين هو المكان الذي ستذهب إليه كانت ترفض الإجابة أو تهددنا بترك العمل فوراً"، وتضيف "كنت أرضخ لمطالبها في كل مرة، فالمضطر يركب الصعب". تكاليف الاستقدام باهظة عفاف معلمة وأم لخمسة من الأبناء تقول لعجزنا عن دفع تكاليف الاستقدام الباهظة لمكاتب الاستقدام للعمالة النظامية اضطررنا إلى اللجوء إلى العمالة الحبشية وليتنا لم نفعل، وتضيف "فهي دائمة التذمر في كل مرة يطلب منها عمل شيء حتى لو كان بسيطاً, كذلك كانت تكثر من الاهتمام بنفسها والتحدث بغنج ودلال مع زوجي وإخوتي حين يقومون بزيارتي، وحين أنصحها تهددني بأنها ستذهب إن لم يعجبني تصرفها وستلقى أناسا أفضل منا وهي ليست بحاجتنا بعكس حاجتنا لها". أم عبد الله تؤكد رضوخها للمطالب الكثيرة من العاملات الإثيوبيات، وتقول "نظراً لكبري في السن وإصابتي بأمراض عدة كان لا بد لي ممن يساعدني خصوصاً أنني لم أحظ بإنجاب بنات فكل أولادي ذكور وهم في سن الشباب أصغرهم انتقل إلى المرحلة الثانوية"، وتضيف أم عبدالله في كل مرة تأتي إلي إحداهن بغرض عرض عملها لدي، وأول شرط لي هو أن تضع النقاب على وجهها في حين أنني سألبي جميع مطالبها حتى لو كان مرتبها عاليا فلا مشكلة لدي إن وافقن على شرطي, ولكن الجميع كان يرفض العمل لدي بمجرد سماع الشرط, وعند سؤالنا عن سبب تمسكها بهذا الشرط.. قالت "أخاف على أولادي كما أخاف على من تعمل عندي، فهي بالنسبة لي أمانة في عنقي أمام الله، فترك خادمة متبرجة في كامل صحتها وشبابها في بيت جل ساكنيه في ريعان الشباب هو أمر خطير وأشبه بوضع البنزين قرب النار"، وعند سؤالنا لها عن كيفية تدبير أمور منزلها وفي حالة عدم قدرتها هي على ذلك لمرضها أجابت بأن إحدى قريباتها التي تسكن بالقرب منها ترسل خادمتها من الصباح إلى وقت الظهر لتقوم بالأعمال المنزلية، ثم تعود لمنزل مخدوميها، وهكذا حتى أجد لي عاملة ترضى بشرطي. التسلل إلى المملكة على الجانب الآخر كان (الطرف القضية) وهن العاملات ذاتهن، (سعادة) تقول قدمنا تسللاً عن طريق دولة مجاورة ونعتمد في تنقلاتنا بين المحافظات على التهريب وعند سؤالنا عن كيفية التهريب أجابت "نتفق مع أحد المواطنين أو المقيمين نظامياً لنقلنا باستخدام كرت العائلة - أي إنهن ينتحلن شخصيات السيدات المسجلات في الكرت في حال طلب منه إثبات عند نقاط التفتيش-". وعندما سئلت عن طبيعة عملهن تقول لأجل لقمة العيش نعمل أي شيء, وتحكي عن تعرض الكثير من بنات جنسها للخديعة حيث تقول "يعدنا أحدهم بأنه وجد لنا عملا في منزل أو مشغل نسائي إلا أن الوجهة تكون مختلفة لذلك تماماً، فالكثيرات تورطن بالعمل في شبكات دعارة رغماً عنهن، حيث ألمحت إلى أن وراء تلك الممارسات عصابات كبيرة ومنظمة تقتات من وراء هؤلاء النساء. (لولو) عاملة أخرى من ذات الجنسية تقول أجبرتنا الظروف المعيشية في بلادنا إلى الرحيل لطلب الرزق, إلا أن الأحلام والأماني التي وعدنا بها لا وجود لها في الحقيقة.. وصدمنا كثيراً بالواقع ومجالات عملنا تكون محددة مسبقاً خصوصاً أن معظمنا إن لم يكن جميعنا نقيم بطريقة غير نظامية إلا أن المؤلم هو عدم ثقة الناس بنا ولا أعلم لماذا, وحكت لنا قصة فتاة من بنات جلدتها حيث تقول "قدمت مع مجموعة كبيرة من النساء للعمل في المملكة، وعند وصولهن استلمهن بعض الأشخاص كما هو مخطط له مسبقاً، وهنا تم تقسيم هؤلاء النساء حيث يقوم كل قسم بعمل معين, وكانت من ضمن هؤلاء الوافدات فتاة تدعى (هجر) تبلغ الرابعة عشرة أجبرت على ممارسة البغاء رغم أنها كانت ترغب في العمل كخادمة منزلية ولم يمض سوى أسبوع حتى وجدت منتحرة في الغرفة التي تنام فيها"، (حسناء) أو هكذا رمزت لنفسها وجدناها تتسول أمام مركز تجاري مبينة أنها قدمت عن طريق التسلل منذ ما يقارب الشهر حيث تقول إنها سمعت من قريبات لها أن من تأتي هنا فسوف تجني نقودا كثيرة وتقوم بأعمال سهلة، وعن هذه الأعمال السهلة غير التسول ردت بابتسامة وتوارت خلف الزحام. سماسرة الحبشيات الناطق الإعلامي بشرطة منطقة جازان النقيب عبدالرحمن بن سعد الزهراني أوضح أن العمالة الحبشية منتشرة في المملكة بشكل عام وفي جازان بشكل خاص، وذلك لكونها منطقة ذات حدود برية طويلة مما يسهل عملية التهريب. وأضاف أن عددا كبيرا من الناس يقومون بتشغيلهن لأنهن مجهولات وليس لهن إقامة ولارتفاع أسعار استقدام الخادمات النظاميات، وبين الزهراني أن المواطن للأسف لا يدرك خطورة الإقدام على هذا العمل، والكثيرات من هذه العمالة قد يكن مصابات بأمراض وربما تتوفى في المنزل مما قد يعرضهم للمساءلة القانونية والمسؤولية حيال إيوائها وهي مجهولة الهوية, كذلك هناك العديد من الأسر التي تستخدم هذه العمالة تعرضت للسرقة والمواطن المسكين لا يعلم أنه لا يعرف لهؤلاء مكانا معينا، وذلك لعدم معرفة هوياتهم. وعن وجود شبكات دعارة بالفعل تقوم باستخدامهن قال "تأتي العاملة وقد تعمل في المنزل وهم لا يعلمون حقيقة عملها الأصلي، ولكثرة هذه العمالة يكثر سماسرة العمالة الحبشية خصوصاً من النساء وأحياناً تجد عاملة تجمع بين الخدمة المنزلية والدعارة والسرقة والتسول". وأهاب الزهراني بالمواطنين إلى ضرورة توخي الحذر والتبليغ عن هؤلاء حتى نقضي على هذه الظاهرة، فالمواطن هو رجل الأمن الأول، ودورنا لا يكتمل إلا بمساعدة المواطنين وجميعنا في خدمة الوطن.