كشف الفريق الطبي الذي حقق إنجازا علميا بالحفاظ على جنين داخل أحشاء أمه المتوفاة دماغياً لأربعة أشهر، أن الأم تعرضت لخمس حالات تسمم كادت تفقد الجنين حياته، إلا أن الإرادة الإلهية ثم المتابعة الدقيقة لحالة الجنين كانتا في كل مرة تنجحان في تخطي المراحل الحرجة التي تعرض لها الجنين. وقال الفريق الطبي الذي تابع الحالة بمستشفى سعد التخصصي بالخبر في مؤتمر صحفي عقد أمس بالمستشفى حضرته وسائل الإعلام المختلفة إن الهدف الأساسي لدى الفريق الطبي كان الحفاظ على حياة الأم في بادئ الأمر، وذلك عندما كانت لا تزال على قيد الحياة، إلا أن الهدف تغير بمجرد وفاة الأم دماغياً، ليصبح الاهتمام منصبا على الحفاظ على الجنين. وفي سؤال ل"الوطن" حول الفريق الطبي الذي شارك في متابعة الحالة منذ وصول الأم حتى استخراج الطفل ورعايته، قال استشاري ورئيس قسم العناية المركزة المدير الطبي لمستشفى سعد التخصصي الدكتور سامر قارة إن 48 ما بين أطباء وممرضين وخدمات مساندة ساهموا في هذا الإنجاز كل حسب اختصاصه ومجاله، موضحاً أن الطفل بدأ بالرضاعة الطبيعية، وسيغادر المستشفى خلال أسبوع. وأوضح استشاري طب الأم والجنين رئيس قسم النساء والتوليد بمستشفى سعد التخصصي الدكتور عدنان عاشور أن الجنين كان يزن عند ولادته 660 جراماً، ويبلغ وزنه حاليا كيلو و60 جراماً، مبينا أن الولادة تمت في الأول من مايو الماضي، ولم يتم الإعلان عنها إلا لاحقا لأسباب تتعلق بالتأكد من صحة الجنين، ومراعاة للحالة النفسية التي كان عليها ذوو المتوفاة، والذين كانوا في حالة من المشاعر المختلطة ما بين الفرح بسلامة المولود، والحزن على فقد الأم التي لم تتمكن من رؤية ابنها الذي حملته في جوفها أربعة أشهر دون أن تشعر به. وأضاف الدكتور عاشور أن الاهتمام بالأم وجنينها بلغ أدق التفاصيل، حتى في وضعية نوم الأم على السرير، لضمان تدفق كميات الدم الكافية للمشيمة للحفاظ على حياة الجنين، وإمداده بكافة المواد التي تساهم في بقائه على قيد الحياة، مبيناً أنه قبل وفاة الأم كانت هناك مخاوف من تأثير الأدوية والعقاقير على حياة الطفل، وعندها كان الفريق الطبي يهدف بالدرجة الأولى للحفاظ على حياة الأم، إلا أنه وبعد وفاة الأم دماغياً تغيرت الأهداف كلياً، وأصبح الحفاظ على الجنين من أولويات الفريق الطبي. وذكر نائب الرئيس التنفيذي لمستشفى سعد التخصصي الدكتور أحمد العلي أن هذا الإنجاز والذي تم إهداؤه لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز سيكون له أثر كبير في مثل هذه الأنواع من الحالات على مستوى العالم، حيث بدأت بعض المستشفيات بمخاطبة مستشفى سعد للاستفادة من التجربة، وسيجري أيضا نشر تقارير حول هذا الإنجاز في بعض المجلات الطبية المتخصصة لتعميم الاستفادة منه حول العالم. وكانت الأم المتوفاة دماغياً (38 عاماً) قد أدخلت إلى قسم العناية المركزة بالمستشفى وهي في حالة صحية سيئة، قبل أن تتوفى دماغياً، وهي تحمل جنيناً لم يتجاوز 11 أسبوعاً، إلى أن تمت ولادته بأمان تام وصحة جيدة بعد 28 أسبوعاً ويومين من بداية الحمل.