تجزم مدربة الفنون في جمعية فتاة الأحساء الفنانة التشكيلية الجزائرية دليلة محمد بورابية خلال حديثها ل"الوطن" بأن الفنانة التشكيلية السعودية قطعت أشواطا هائلة في هذا المجال، بالرغم من البيئة المحيطة بها من جهة، وعدم وجود مؤسسات أكاديمية مختصة بالفنون، وهيمنة الرجال على هذا الفن منذ فترات طويلة من جهة أخرى، ورغم كل ذلك استطاعت أن تحفر لها اسما ناصعا على الساحة الفنية المحلية والعالمية، واستطاعت بإصرارها مواكبة الحركة التشكيلية المعاصرة، فأصبحت منافسا قويا متميزا. وفي معرض إجابتها عن سؤال يردده الكثيرون "لماذا لا تستطيع المرأة أن تعبر عن كل شيء في اللوحة؟" قالت بورابية فعلا لا تستطيع المرأة ولا حتى الرجل أن يعبر عن كل شيء في اللوحة؛ هناك خطوط حمراء تعيها المرأة ويعيها المجتمع، ويحترمها المجتمع الأجنبي، ربما هذا العامل يجعل الأكثرية من الفنانات والفنانين السعوديين يتبنين المذهب التجريدي في التعبير عن كل شيء في اللوحة. وأضافت: "كانت المرأة السعودية فيما مضى تنتج أعمالا من نوع محاكاة الطبيعة والاهتمام بجمال اللون وتنسيقه ما يميز العمل الأنثوي الرقيق؛ وتتحدث عن أحاسيس ومكبوتات بخجل، وعن التراث والطبيعة؛ لكنني أشهد الآن الجرأة والقوة لدى الفنانة السعودية في انتقاء المواضيع واستخدامها للألوان والخامات، وباتت تتطلع إلى كل ما هو جديد على الساحة التشكيلية". وحول المعوقات التي تحد من إبداع التشكيلية السعودية، أكدت بورابية أن المعوقات لا تواجه المرأة السعودية فقط؛ بل كل فنان في العالم؛ لكن ما يخص المرأة السعودية أعتقد أنها وسط مجتمع يغلب عليه العرف والتقاليد؛ فالمرأة تعاني صعوبة في اقتحام عالم هيمن عليه المجتمع الذكوري منذ أمد بعيد؛ وهذا ما جعل الفنانات السعوديات يتراجعن ليس إبداعيا - فالإبداع موجود رغم ما يجدنه من عقبات، فهن اكتسحن الساحة الفنية بجدارة، وأنا أقترح في هذا السياق رفع الحرج عن البعض بتخصيص جهة نسائية مسؤولة عن الفن التشكيلي النسائي؛ وذلك بإنشاء ورش ومراكز تسمح بإقامة ملتقيات وندوات تتجمع فيها الفنانات وتتكفل بإقامة معارض لهن سواء الجماعية أو الشخصية وتدعم وترعى المواهب الفتية. وترى بورابية أن هناك مجالات أبدعت فيها السعوديات التشكيليات إلى جانب الرسم والنقش ويمكننا القول بأن المرأة السعودية ولدت فنانة بالفطرة، فبعيدا عن الفنون التشكيلية ومدارسها كانت المرأة السعودية في بيتها، تطرز بألوان زاهية متناسقة، ترسم بالحناء زخارف فنية خلابة تلون الخوص فتصنع منه قطعا وتحفا فنية رائعة؛ وأعتقد أن الفن التشكيلي لدى السعوديات انطلق من بيتها ومجتمعها أولاً، ثم انطلقت محلقة به إلى عالم الفن التشكيلي، فدخلت شتى مجالاته وأتقنت وأبدعت أيما إبداع، تجدها في جميع المدارس تفتح لها بابا ك"الواقعية والتأثيرية والتكعيبية والسريالية والتجريدية" وحتى في المدارس الحديثة ك"الدادائية والنابية" لكنني أجدها أكثر في الفن التجريدي والتعبيري والرمزي. وتؤكد أن السعوديات لديهن قدرات متميزة للغاية في مجال الإحساس بالنفس الإنسانية ورسم حالات المعاناة والتأمل والتعبير.