أثار إقدام حشد غاضب في بلدة لبنانية بالاقتصاص من مصري يشتبه بأنه قتل مسنين وحفيدتيهما، عبر ضربه حتى الموت ومن ثم سحله والتمثيل بجثته أمام أعين رجال الشرطة، موجة استنكار في الاوساط السياسية والشارع على حد سواء. وقتل المصري محمد مسلم (38 عاما) الخميس بعد وصوله إلى كترمايا (25 كلم جنوب شرق بيروت) لتمثيل الجريمة. وقام مئات الأشخاص بإخراج الرجل بالقوة من سيارة الشرطة التي اقتادته إلى المكان، بحسب لقطات صورت بالفيديو وبثتها محطات التلفزيون المحلية. وبعد تجريده من ملابسه باستئناء سرواله الداخلي وجرابيه، قام الحشد بطعنه وضربه حتى الموت، بحضور رجال الشرطة الذين وقفوا عاجزين. وأظهرت لقطات أيضا كيف قام الحشد بتعليق جثته التي كانت تنزف على عمود للكهرباء بحبل وقضيب حديدي لمدة حوالى نصف الساعة وسط هتاف وزغاريد النساء. والتقط عدد كبير من الفضوليين مشاهد بهواتفهم المحمولة. وعنونت صحيفة "لوريان لوجور" التي تصدر بالفرنسية الجمعة "زمن الهمجية". ودان الرئيس ميشال سليمان "قتل المتهم بجريمة كترمايا" وأعطى توجيهاته إلى وزيري الداخلية زياد بارود والعدل إبراهيم نجار "بوجوب ملاحقة المرتكبين وإنزال العقوبات الصارمة بحق المقصرين"، حسبما ورد في بيان صادر عن رئاسة الجمهورية. وقال البيان إن سليمان "اعتبر أنه على رغم بشاعة الجريمة التي نفذها المتهم وقبضت عليه القوى الأمنية في أقل من 24 ساعة، فإن التصرف الذي حصل يسيء إلى صورة لبنان خصوصا أن الدولة لم تقصر في كشف الفاعل". من جهته، قال وزير العدل اللبناني إبراهيم نجار "مهما كان جرح الأهالي عميقا لا شيء في العالم يمكن أن يكون أساسا قانونيا لردة الفعل الجماعية التي حصلت". وأضاف أن ردة الفعل هذه "ستنعكس سلبا على صورة لبنان في العالم وستحطم ما تبقى من هيبة للقضاء والقانون والأمن في لبنان وتعطي إشارات يرفضها العقل البشري". وتابع أن "السلطات القضائية تمتلك أسماء عشرة أشخاص من الذين قاموا بهذه الجريمة البشعة, وثمة إجماع على ضرورة الملاحقة وأن يقوم القضاء بواجباته". ورأى نجار أن "هذا الحادث لا يقل خطورة عما سبقه من أعمال همجية"، في إشارة إلى مقتل المسنين وحفيدتيهما" البالغتين من العمر سبعة وتسعة أعوام. وقد عثر عليهم مقتولين بطعنات سكين. وأكد الوزير اللبناني أن هذا الحادث "يجب ألا يمر مرور الكرام, ودولة المؤسسات لا يمكن أن تقبل" بذلك. وقال مسؤول أمني لبناني طالبا عدم كشف هويته إن المصري كان مشتبها بإقدامه على اغتصاب فتاة في الثالثة عشرة من عمرها في البلدة نفسها, وإنه ذهب لوالد الفتاة ليتزوج منها إلا أنه رفض. وبموجب القانون اللبناني تتوقف الملاحقات بحق مرتكب جريمة الاغتصاب إذا تزوج ضحيته. وقال المسؤول نفسه إن "الرجل السبعيني رفض مما دفع محمد مسلم إلى طعنه حتى الموت قبل أن يقتل زوجته كوثر (70 عاما) وحفيدتيهما". وأثبتت تحاليل الحمض النووي أمس أن الدم الذي كان على قميص الرجل والسكين التي عثر عليها في منزله ينطبق على الضحيتين. وقال أحد سكان كترمايا "سنفعل الأمر نفسه". وأضاف آخر "ماذا تتوقعون عندما تجلب الشرطة المشبوه في لحظة ينتظر فيها الأهالي الجنازة ويغلون غضبا؟". وعلقت صحيفة الأخبارأن "هذا العمل الوحشي لا مثيل له إلا في دول تحكمها شريعة الغاب". وأضافت أن "حشدا من الناس قتل محمد سليم مسلم وقتلوا معه العدالة وهم يفاخرون بتحقيقها". وأشارت إلى أن "النيابة العامة لم توقف أحدا حتى ساعة متأخرة من ليل الخميس ولم يصدر عنها أو عن وزارة العدل ما يوازي حجم الجريمة وبشاعة الصورة المذلة للبنان وللدولة ومؤسساتها".