أفرزت التصفيات النهائية لفرع كتابة "الشعر" في ملتقى شباب مكة، مواهب شعرية لطالبات صغار، امتزجت كتاباتهن الشعرية بإحساسهن الطفولي تجاه الأم، ومواقف حياتية مرت بأسرهن، وجسدتها الشاعرات عبر موال "المجس الحجازي" الذي صدحت به بعض الشاعرات في قاعة المسابقة أمس. وحضرت الشاعرات الصغار من محافظات مكة، جدة، الطائف، خليص، القنفذة، الليث، الكامل، وسطرت بعض قصائدهن حب الوطن والمليك. وشهد الملتقى حضورا كثيفا لمشرفات تربويات، ومعلمات وطالبات، وبعض أمهات المشاركات، مما أكسب المسابقة روح المنافسة والتشجيع والحماس. فاتن محمد العسيري، طالبة بالمرحلة الثانوية بجدة، حضرت للمسابقة حاملة معها قصيدة "رثاء"، في والدتها التي فقدتها، وفجرت – حسب قولها - طاقة شعرية كانت تحتفظ بها لرثاء أمها، ولا ترغب البوح بها، مؤكدة أن فجيعتها بموت والدتها، حولتها من فتاة فاقدة لحنان الأم، إلى شاعرة تمكنت من التعبير عما يختلج نفسها من أحزان. وأوضحت أنها لم تعتقد أن قصيدة رثاء والدتها ستلقى هذا القبول من الحاضرات، مشيرة إلى أن قصيدتها التي حملت عنوان "رحلت، ولكن ماذا تركت؟"، وجدت اهتماما وتفاعلا من لجنة التحكيم والمشاركات اللاتي عبرن عن جمال الكلمات التي تضمنتها القصيدة، وطريقة إلقاء الشاعرة التي تميزت بالفصاحة وخلو الإلقاء من العيوب اللفظية، وحسن اختيار القافية وإيقاعها. وفصلت الشاعرة الصغيرة خلال أبيات القصيدة لحظات سكرات الموت التي مرت بها والدتها، واعتمدت على وصف خصال والدتها بكلمات حزينة دفعت عددا من الحاضرات لطلب إعادة إلقائها مرة أخرى، مشيرة إلى أنها تستمع دائما لقصائد دايم السيف الأمير خالد الفيصل، وأشعار الأمير بدر بن عبدالمحسن. من جانبها، شاركت الطالبة هناء محمد ناشري، من محافظة القنفذة، بقصيدة جمالية جسدت مشاعرها التي تتصف بإحساس صادق تجاه معاناة الشعب الفلسطيني والظلم الواقع عليه جراء الاحتلال الإسرائيلي، وصفت من خلالها أحزان أطفال فلسطين، الذين عانوا على حد تعبيرها كثيرا من الظلم والاضطهاد. وقالت "إن موهبتها في كتابة الشعر ظهرت في مرحلة متقدمة، وساهم في مساندتها وتعليمها خلال تلك المرحلة شقيق والدتها، الذي لقنها أصول الإلقاء، وطريقة كتابة القافية، على أسس صحيحة. وأوضحت أن الطبيعة الساحلية التي تتميز بها منطقة القنفذة ساهمت في مساعدتها على نظم الأبيات الشعرية لقصائدها التي وصفت خلالها الطبيعة، واعتمدت فيها على الربط بين ظروف البيئة والعاطفة، مشيرة إلى أنها تتطلع للمشاركة في أمسيات مختلفة لشاعرات صغيرات. وقبيل نهاية اللقاء، لفتت المشاركة نداء علي كرامي، من مكةالمكرمة، الانتباه عبر إلقائها قصيدة "بر الأمان" التي جسدت فيها معاناة المجتمع من بعض المشكلات الاجتماعية، وألقتها عبر إنشاد "المجس الحجازي" الذي اشتهر به أهالي مكةالمكرمة. وسردت كرامي قصتها مع كتابة الشعر وإلقائه، مؤكدة أنها اكتشفت ذلك منذ وقت مبكر، وأخذت تعمل على تنمية موهبتها عن طريق القراءة والكتابة، ولقيت التشجيع الدائم من أسرتها. وأكدت لجنة التحكيم أن نداء، تميزت بإتقان فن "المجس الحجازي"، الذي لقي أعجاب الحاضرات في الملتقى، مشيرة إلى أن فن "المجس"، عبارة عن موال حجازي اشتهر في مكةوجدة والمدينة، ويتميز بصعوبة مقاماته، وأن الشاعرة كرامي أبدعت في هذا اللون من الإلقاء. وألقت الشاعرة الصغيرة سامية الأنصاري، من محافظة الجموم، القصيدة النبطية "ملك الخير"، حيث وصفت فيها مشاعرها بعودة الملك عبدالله سالما معافى إلى أرض الوطن، ولاقت القصيدة إعجاب الحاضرات. من جانبها، أكدت مساعدة مديرة إدارة نشاط الطالبات نجاح عبدالغني، أن فعاليات الملتقى أمس، خصصت للشعر، وأن المتسابقات اللواتي تم اختيارهن للتصفيات النهائية هن 10 طالبات، من عدة محافظات وقرى تابعة للمنطقة. وأوضحت أن المسابقة تختلف عن المسابقات التي نظمت من قبل إدارة التعليم أو أي إدارة أخرى للشباب، حيث تمت إتاحة الفرصة أمام الشابات من مختلف المناطق والقرى والمحافظات، في هذا الملتقى لأبرز المواهب التي لم يعرفها أحد سوى أهل القرية أو المحافظة التي تنتمي لها الطالبة، متوقعة أن يتم استثمار الشاعرات الصغيرات ليصبحن أديبات وشاعرات ناطقات باسم الوطن. من ناحيتها، أشارت المشرفة الإدارية والمنسقة للملتقى هناء الغامدي، إلى أن المشاركات من الشابات اخترن مواضيع تهم المجتمع وحديث الساعة، وتنوعت قصائد الطالبات المشاركات بين حب الملك والوطن، والأم، والحجاب. وأكدت أن القصائد المطروحة أكثرها تتميز بالشعر الفصيح الموزون، إلا أن بعض القصائد قدمت بالنبطي، وأن التصفيات تمت من خلال إدارة التعليم، ونصاب كل محافظة طالبتان، وتم اختيار فريق التحكيم من المتخصصات في اللغة العربية كمحكمات للغة العربية. إلى ذلك، عبرت منى المالكي إحدى المحكمات في المسابقة عن تفاؤلها بمستوى الشاعرات الصغيرات، وقالت إن أهم الملاحظات هو تداخل اللغة العربية الفصحى بالعامية لدى الشاعرات، وإن ذلك لا يقلل من مستوى القصائد التي قدمت، ولا من براعتهن في الإلقاء.