اختلفت الألوان والغبار واحد، مفردات انطبقت على أجواء منطقتي الرياض ذات الغبار الأحمر، والشرقية ذات الغبار الأصفر، حيث تسبب الغبار في إدخال مئات الأشخاص المصابين بضيق التنفس أو الربو المزمن المستشفيات في المنطقتين، إضافة إلى حوادث مرورية بسبب انعدام الرؤية. واستيقظت الرياض أمس، على سماء صحو بعد ليل "أحمر" غطت سماؤه الأتربة الكثيفة التي حجبت الرؤية الأفقية إلى أقل من 10 أمتار وأجبرت السكان على التزام منازلهم. وتحوّلت الأتربة من سماء المدينة إلى أرضها، حيث اكتست الشوارع والأشجار والسيارات وأفنية المنازل بكميات كبيرة من الأتربة التي خلفتها الموجة التي بدأت نحو الساعة الثامنة من ليل السبت ولم تنجل إلا في ساعات الصباح الأولى وسط استنفار السكان صباحا بتنظيف ما علق بمنازلهم من أتربة وحرصوا على غسل الأفنية الخارجية حتى بدت العديد من الشوارع تسبح في المياه المتسرّبة من الغسيل. استمرار موجة الغبار من جهتها، توقعت الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة في تقرير نشرته على موقعها على الإنترنت أن يستمر نشاط الرياح السطحية المثيرة للأتربة والغبار على المناطق الجنوبية الداخلية حيث تتدنى الرؤية الأفقية على مناطق نجران وعسير والباحة وأجزاء من مكةالمكرمة تمتد حتى منطقة المدينةالمنورة. فيما يتوقع أن تستمر موجة الغبار في مدينة الرياض اليوم وغدا، إلى جانب عوالق ترابية بعد غد، على أن تعود السماء للصحو ابتداء من يوم الأربعاء، وسط درجات حرارة في معدّل 28 درجة للعظمى و14 للصغرى. وارتفع عدد المرضى والمراجعين لأقسام الطوارئ بمستشفيات منطقة الرياض بسبب موجة الغبار التي ضربت العاصمة مساء أول من أمس إلى 390 حالة في أربعة مستشفيات، أغلبهم من الأطفال المصابين بأمراض الصدر والحساسية ومرض الربو وضيق التنفس. استنفار صحي وأعلن مدير عام الشؤون الصحية بمنطقة الرياض الدكتور عدنان العبدالكريم إلى إعلان حالة الاستنفار في جميع المستشفيات وزيادة عدد الأطباء والممرضين في أقسام الطوارئ لتقديم الخدمات الطبية المناسبة للمرضى. وأشار الدكتور العبدالكريم في تصريح صحفي أمس إلى حاجة "30-20%" من المراجعين المتأثرين بالأجواء المغبرة إلى المتابعة الشديدة خوفاً من تضاعف الالتهابات عليهم، مؤكداً أن أعراض التهابات المجاري التنفسية تظهر عند المرضى خلال فترة النوم، وأن المرضى المراجعين تستغرق متابعة حالة كل واحد منهم في قسم الطوارئ مدة لا تتجاوز ربع الساعة. من جانبها، قالت رئيسة قسم التوعية الصحية بمركز الأمير سلمان لأمراض الكلى بسمة قاضي: إن مرضى الربو هم الأكثر تضررا جراء هذه الأجواء التي قد تسبب لهم الاختناق وبالتالي يحتاجون إلى وضعهم على أجهزة التنفس، ولفتت إلى ضرورة أن يلتزم جميع مرضى الجهاز التنفسي منازلهم مع الحفاظ على تناول أدويتهم بانتظام. وحذرت في الوقت ذاته، من تعريض الأطفال بشكل عام لهذه الأجواء حفاظا على صحتهم وكذلك الأطفال الذين يعانون من مشاكل في الجهاز التنفسي، وضرورة إبقائهم داخل المنزل منعا لإصابتهم بنوبات الربو أو الحساسية. وبينت أن حساسية الصدر عند الأطفال أنها ضيق واختناق مؤقت يصيب المجاري التنفسية الكبيرة والصغيرة نتيجة فرط التحسس للمؤثرات العضوية وغير العضوية، لافتة إلى أن الأعراض الرئيسية لحساسية الصدر تشمل صعوبة في التنفس والكحة وصفيرا بالصدر أثناء التنفس وزيادة معدل التنفس وألما بالصدر. وقالت: إن علاج هذا الأعراض بتجنب رياح الغبار والأتربة الناعمة التي تعتبر المهيج للحساسية وإن كان ذلك مفيدا رغم صعوبته، إضافة إلى القطرات المضادة للحساسية وأحيانا تحتوي القطرات على الكورتيزون، والأقراص المضادة للحساسية لتخفيف الشعور بالحكة وأحيانا المسكنات عند الشعور بالألم. 150 حالة ربو قال رئيس قسم الطوارئ في مستشفى الشؤون الصحية بالحرس الوطني الدكتور رائد حجازي: إن عدد الحالات التي استقبلها المستشفى من التاسعة من مساء أول من أمس وحتى السابعة صباح الأمس، نتيجة موجة الغبار التي اجتاحت الرياض، وصلت إلى 150 حالة، أبرزها حالات الربو والحساسية التي شملت ثمانية أطفال أصغرهم عمره ثلاثة أشهر، وحالات طوارئ أخرى شملت فئات عمرية مختلفة. كما استقبل المستشفى حادثي سير بسبب انعدام الرؤية، تراوحت الإصابات فيهما بين الرضوض والكسور في الأطراف. اللون الأصفر من جهتها اصطبغت سماء المنطقة الشرقية باللون "الأصفر" أول من أمس، إثر موجة غبار قوية ضربت مدن ومحافظات المنطقة على امتدادها ابتدأت عصر أول من أمس في محافظة حفر الباطن، بعد قدومها من دولة الكويت، وزحفت إلى حاضرة الدمام في العاشرة مساءً، وأدت إلى تدنٍ كبير في مستوى الرؤية الأفقية، وصل إلى أقل من 20 متراً في بعض المدن، صاحبه انخفاض في درجات الحرارة، وخلو الشوارع الداخلية في أغلب الأحياء من المارة والمركبات. وتسببت بتسجيل عدد من الحوادث المرورية في عدد من الطرق بمدن ومحافظات المنطقة، نتجت عن تدني مستوى الرؤية الأفقية، وازدحام أقسام الطوارئ بمستشفيات المنطقة بأعداد كبيرة من مرضى الربو والحساسية وضيق التنفس. وأعلنت حالة الطوارئ في مستشفيات المنطقة تحسبا لتوافد أعداد من الحالات المصابة بأمراض الربو والحساسية لتلقي العلاج، وهو ما حدث حيث شهدت أقسام طوارئ المستشفيات تهافت أعداد من المرضى وسجلت مستشفيات المنطقة 420 حالة خلال 7 ساعات فقط منذ بدء موجة الغبار. انتشار دوريات المرور وأوضح مدير مرور الشرقية العقيد عبدالرحمن الشنبري ل"الوطن" أمس، أن الحوادث المرورية التي تعرضت لها المنطقة ليلة أول من أمس كانت في معدلها الطبيعي، مشيرا إلى وقوع 89 حادثاً مرورياً تسببت بإصابة 15 شخصاً بإصابات متوسطة إلى خفيفة دون وقوع وفيات. وبيّن أنه تم نشر دوريات المرور ودوريات أمن الطرق بشكل مكثف على الطرقات الداخلية والسريعة في حفر الباطن، مضيفاً أن العاصفة تسببت في انعدام الرؤية بشكل تام في محافظة القطيف وتم إرسال 27 دورية للمساندة في تسهيل الحركة المرورية. كما أكد مدير الدفاع المدني بالمنطقة الشرقية اللواء محمد الغامدي ل"الوطن" أمس، أن حادثاً وحيداً وقع أثناء ضرب العاصفة الرملية للمنطقة، حيث تلقت عمليات الدفاع بعد الساعة 12 ليلا بلاغا عن نشوب حريق في مصنع بالمنطقة الصناعية الثانية بالدمام لم تنتج عنه أي خسائر في الأرواح، مشيراً إلى أن العاصفة كان لها دور كبير في اشتعال الحريق، مؤكداً السيطرة على الحريق في غضون ساعتين تقريباً. منع الإبحار من جانبه، أكد الناطق الإعلامي لحرس الحدود بالشرقية العقيد محمد بن سعد الغامدي ل"الوطن" أنه تم إنقاذ 5 قوارب من الغرق بسبب العاصفة الرملية التي اجتاحت المنطقة، وكان على متنها 8 سعوديين و3 مصريين، مشيرا إلى أن سرعة الرياح التي صاحبت العاصفة الترابية بلغت 80 كيلومترا في الساعة مع انعدام الرؤية. وأكد أنه تم منع الإبحار من جميع مرافئ الصيد في المنطقة منذ العاشرة مساء الجمعة ولا يزال المنع مستمراً حتى لحظة إعداد الخبر. وأوضح الناطق الإعلامي في المديرية العامة للشؤون الصحية بالمنطقة الشرقية أسعد سعود، أن أقسام الطوارئ في عدد من المستشفيات شهدت مراجعة عدد كبير من المرضى على غير المعتاد، لا سيما المرضى المصابين بالربو وأمراض الصدر الحساسية، حيث استقبل مستشفى الولادة والأطفال بالدمام 260 حالة، ومجمع الدمام الطبي 73 حالة، ومستشفى الجبيل العام 40 حالة، فيما بلغ عدد الحالات في مستشفى القطيف المركزي 47 حالة، مشيراً إلى أن كبار السن والأطفال المصابين بالربو هم الأكثر تأثراً بالغبار. وبيّن أن كافة المستشفيات الحكومية بالمنطقة تأهبت لاستقبال المرضى من خلال توفير الكوادر الطبية، والأدوية الخاصة بالحساسية والربو وضيق التنفس. الخروج من الربيع للصيف وفي جانب الفلك والأرصاد، ذكر الباحث الفلكي عضو الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك الدكتور خالد الزعاق إلى "الوطن" أمس، أن المملكة تمر حالياً بأوائل موسم "الحميمين" الذي بدأ الخميس 12/ 4/ 1432، واصفا إياه بموسم فاصل بين الربيع والصيف الحار، ويتكون من نوءين هما "سعد الأخبية" و"المقدم" وعدد أيامه 26 يوما، كل نوء 13 يوما. وتوقع الزعاق أن تعيش السعودية تخلخلات جوية وموجات غبار متقطعة تستمر شهراً كاملاً، نتيجة تمخض السماء لولادة فصل الصيف، مؤكداً أن الآن هو فترة الخروج من فصل الربيع إلى فصل الصيف الفعلي بما يسمى بموسم السرايات. وكشف الزعاق أن موجة الغبار كانت قادمة من جبال زاجروس في إيران، وانتقلت بعد ذلك إلى الكويت، وبعدها تشتت على المملكة والعراق. تدفق المرضى للمستشفيات وفي محافظات الخفجي والنعيرية وقرية العليا، تسبّبت العاصفة الرملية أول من أمس بانخفاض مستوى الرؤية في الطرق وتسببت بعدد من الحوادث المرورية، واستقبال المستشفيات والمراكز الصحية لأعداد كبيرة من المرضى. وباشر مرور الخفجي 16 حادثاً مرورياً خلال فترة موجة الغبار، وسجل فيها عدد من الإصابات وحالة وفاة واحدة خارج المحافظة، حيث توفي مقيم عربي الجنسية يعمل في مستشفى الخفجي العام بمهنة دكتور، توفي في حادث مروري ونجت زوجته التي كانت برفقته. وأوضح مدير مستشفى الخفجي العام سعد الدوسري أمس، أن مستشفى الخفجي العام استقبل أكثر من 300 مراجع من المصابين بأمراض الربو والجهاز التنفسي. وأكد مدير المستشفى والمراكز الصحية في محافظة قرية العليا فيصل الدويش، أنه تم استدعاء كافة أطباء وكوادر المستشفى والمراكز الصحية لمواجهة الموقف، مشيراً إلى استقبال 40 حالة، من بينها حالة واحدة حرجة استدعت التنويم في العناية المركزة. كما انخفض مستوى الرؤية بمحافظة النعيرية إلى مستويات متدنية، مما أدى إلى إعاقة الحركة المرورية، وتعرض الكثير لحالات ضيق تنفس وربو. وأوضح مدير مستشفى النعيرية العام نايف الفاضل أن المستشفى استقبل 50 حالة مرضية خلال فترة موجة الغبار التي اجتاحت النعيرية. أزمة تنفس وفي محافظة الجبيل سجل ارتفاعا في استقبال حالات أزمة التنفس، والربو، والتهاب الجهاز التنفسي، وضيق التنفس، حيث استقبل مستشفى الهيئة الملكية في الجبيل أول من أمس حوالي 160 حالة خلال 12 ساعة، بحسب مصدر مسؤول في المستشفى، كما استقبل مستشفى المانع في الجبيل أكثر من 80 حالة أزمة تنفس أغلبهم من الأطفال. ولم تسلم الأحساء من أضرار العاصفة الرملية التي اجتاحتها في ساعة متأخرة من مساء أول من أمس، واستمرت حتى عصر أمس، ملحقة أضراراً بليغة بالغطاء الزراعي فيها، حيث تراكمت كميات كبيرة من الغبار والأتربة على النخيل وأوراق الأشجار الأخرى، وغطى الغبار مساحات شاسعة من المسطحات الخضراء.