خليط من الرسائل الممزوجة بين المفهومين السياسي والاقتصادي، التي قدمها رئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان خلال الجلسة العلمية الثانية لمنتدى جدة الاقتصادي الحادي عشر أمس حملت عنوان "القائد العالمي"، والتي تميزت بالحضور الكثيف والتصفيق الحار، فالنقطة التي ارتكز فيها إردوغان هي العلاقات الجيوسياسية بين أنقرةوالرياض، ودورها الواسع في إعادة الاستقرار والأمن الإقليمي في المنطقة وحتى على المستوى العالمي. وصفة إردوغان - القادم من حي قاسم باشا الفقير وقائد تركيا منذ نوفمبر 2002- في الاقتصاد والسياسة الخارجية، تمحورت في "الأمن والاستقرار الداخلي والإقليمي"، وهو ما يمكن أن يطلق عليه حسب الدبلوماسية التركية بقيادة حزب العدالة والتنمية "تصفير الخلافات". "حجم التبادل التجاري بين السعودية وتركيا"، لم يرض إردوغان كثيراً الذي وجه "انتقاداً مبطناً"، بقوله :" السعودية كانت ضمن أكبر الدول المستثمرة في تركيا، وهناك 200 شركة سعودية تعمل لدينا، وحجم التبادل التجاري بين البلدين وصل إلى 5 مليارات دولار، ثم تراجع عام 2008 مع الأزمة العالمية إلى 3 مليارات، وعاد إلى 4.5 مليارات في العام الماضي". وحث في رسالة اقتصادية مباشرة الحكومة ورجال الأعمال السعوديين على ضرورة تكثيف وجود الاستثمارات في البيئة التركية، مبينا أن البيئة الاستثمارية أضحت مهيأة بعد إجراء إصلاحات قانونية ودستورية تخدم جانب الاستثمار. وركز إردوغان في مضمون كلمته على توسيع العلاقات مع الرياض، وعدم حصرها في مشاريع اقتصادية صرفة أو البنية التحتية، ليتناول الصحة والثقافة والتموين الغذائي والطاقة، وكل ما من شأنه تعميق "جسور تلك العلاقات". واستعرضت القوة التركية عضلاتها الاقتصادية بالمنتدى، عبر لغة "الأرقام"، خاصة أن الأتراك على مدخل استحقاق انتخابي قادم في يونيو من العام الجاري، فأشار إردوغان إلى ارتفاع الدخل القومي لتركيا إلى 230 مليار دولار في عام 2010، وتراجع نسبة الفوائد الربوية، وتقلص التضخم إلى 7%، ودخول تركيا ضمن الدول العشر الاقتصادية العالمية بحلول 2023 بدلاً من مكانتها الحالية في المرتبة السابعة عشرة. وكانت الملفات السياسية "الاتحاد الأوروبي والانتفاضات في بعض الدول العربية، والقضية الفلسطينة، وإسرائيل"، حاضرة بقوة في جلسة إردوغان، التي تحدث فيها عن رفضه وصف حكومته "بالعثمانيين الجدد"، مضيفاً :"إن من يحاول وصفنا بذلك لا تعجبه سياساتها القائمة على الأمن والأستقرار"، مشيرا إلى أهمية استقرار ملفات المنطقة: الفلسطيني والعراقي والمصري والتونسي والليبي واليمني، التي أكد من خلالها "أن استقرارها هو دعم للاقتصاد الناجح والسياسة الخارجية لأنقرة وبقية المحور الإقليمي". "لغة التحدي والإصرار"، كانت عنواناً رئيسياً في أجندة رئيس الوزراء التركي، حينما أشار إلى أن "تركيا وقفت لخمسين عاماً على باب الانضمام للاتحاد الأوروبي"، مذكراً القادة الأوروبيين "بانضمام دول أقل مستوى من تركيا"، إلا أنه استدرك بالقول :"إن تركيا ليست حريصة على الانضمام، فهي تتمتع بثبات اقتصادي كبير"، مرجعاً سبب الانضمام إلى "الجانب الاقتصادي، والمعايير السياسية الإجرائية الأوروبية"، ليمضي بعدها إلى تفجير ممانعة عدد من الدول الرافضة لانضمام تركيا إلى "كونها دولة مسلمة"، معتبراً أن ذلك "يخالف توجه تحالف الحضارات ".