تعاني الكثير من الأسر من اصطحاب أطفالهم الرضع معهم أثناء التسوق، وفي مشاويرهم الخاصة، والزيارات العائلية، وذلك لحاجة الرضيع إلى رعاية خاصة، كما أن الرضيع ينام أحيانا أثناء التسوق، فتضطر الأم إلى حمله على كتفها بعض الأحيان، أو الاستعانة بعربة لدفعه، وتتفاقم المشكلة لدى الموظفات والمعلمات اللائي يضطررن إلى ترك أطفالهن الرضع مع الخادمة أو الأهل أو الأقرباء، وما يسببه ذلك من مشكلات. وتبقى الخطورة التي تحيط بالرضيع في ظل غياب أمه عن المنزل لساعات أمرا مقلقا حتى للأخصائيين، والذين يرون أهمية وجود ما يسمى بالحاضنات، ومراكز الرعاية الخاصة التي يمكن أن تقوم بهذا الدور حتى تعود الأم لمنزلها. تقول أم نجد التي نام طفلها على طاولة مخصصة للأكل في أحد المطاعم "أن يظل طفلي بين يدي أفضل من أتركه لدى الخادمة، أو حتى أحد من أقاربي"، مشيرة إلى أنها تعودت على ذلك منذ سنوات، رغم توفر عاملة منزلية لديها، حيث إن الطفل يحتاج عناية خاصة، ومن المستحيل تركه، فربما يحدث له عارض صحي يحتاج إلى تدخل سريع. وتشارك أم نجد الحديث والدتها التي تستغرب من بعض الأمهات اللائي يتركن للخادمة مسؤولية متابعة أطفالهن الرضع، خلال تسوقهن أو زياراتهن الخاصة، ويتضجرن من أخذ الطفل إلى الأسواق، رغم حاجته للعطف والحنان، في هذه الفترة، خاصة أن الأم تحملت تسعة أشهر من الحمل، وألم الولادة. وتقول أم خالد إنها تفضل أن تتسوق بدون اصطحاب طفلها الرضيع، حيث تقوم بتركه مرة بالمنزل عند الخادمة، وأخرى عند والدتها بالتناوب، مشيرة إلى أن التسوق يكون مهمة صعبة في وجود الطفل الصغير، لكثرة تحركه، وصياحه المستمر. وتعترف أم خالد أنها تجد عتبا كبيرا من صديقاتها، عند ترك ابنها في المنزل مع الخادمة، لكنها تعودت على ذلك، ولم تستطع تغيير ذلك السلوك. وتذكر أم مها أن لديها خمسة من الأبناء، وتضطر دائما إلى اصطحابهم جميعا معها، حتى عند الذهاب إلى المستشفيات، وذلك رغم كثرة إزعاجهم، مضيفة أن تواجدهم معها أصبح محرجا لها، خاصة أن الأطباء يبدون ضيقهم بهم لكثرة حركتهم وتطفلهم وعبثهم، كما أن بعض المراجعين يبدون ضيقا منهم. وبينت أنها تضطر لاصطحاب أبنائها معا لتلافي مخاطر تركهم بالمنزل دون متابعة، وتروي أنها في أحد الأيام تركت ابنتها في المنزل لساعتين مع شقيقها الأكبر، فسقط التلفزيون عليها، فكسرت قدمها، ومن بعد ذلك الموقف أقسمت ألا تترك أبناءها بالمنزل وحدهم. وتقول خلود (طالبة في الصف السادس الابتدائي) "كلما خرجت والدتي من المنزل، أقوم برعاية أختي الرضيعة وأتابع كل شؤونها، وهذا يسبب لي الخوف والهلع، حيث أتفرغ لتنفيذ نصائح والدتي المتكررة من الاهتمام بالرضيع من الأكل والشرب وغير ذلك". وبينت أنها تظل تتابع مع والدتها بالجوال موعد رجوعها للمنزل حتى ترتاح من الضغط النفسي الذي تعاني منه، وتبقى بجوار شقيقتها طيلة الوقت، خائفة متوترة، فمرة تتأكد من التنفس بوضع يديها على قلبها، ومرة تحاول نغزها حتى تبكى للتأكد أنها ما زالت على قيد الحياة. وأشارت خلود إلى أنها تحدثت مع والدتها وطلبت منها عدم ترك الرضيعة في عهدتها بدون جدوى، كما أخبرت معلمتها بمشكلتها فتحدثت المعلمة مع والدتها ولكن أيضا دون جدوى. وقالت المعلمة هدى الحربي "لدي ثمانية أطفال ثلاثة منهم لم يدخلوا المدرسة بعد، وزوجي يرفض الاستعانة بخادمة، ومرت سنوات ووالدتي تتحمل معاناة أطفالي الصغار، حتى عودتي من العمل. وأضافت أن الكثير من زميلاتها يعانين من نفس المشكلة، في ظل تعنت بعض الأزواج بعدم جلب خادمات لهن، وأن بعض المعلمات يوزعن أطفالهن بين أقاربهن وقت الدوام، مشيرة إلى أن بعض زميلاتها يوزعن أطفالهن بين شقيقاتهن وأمهاتهن وخالاتهن كل يوم. إلى ذلك قالت الباحثة الاجتماعية بمستشفى الدار عهود ريان المولد إن "ترك الطفل بالمنزل في عهدة الخادمة أو الأخوات أو القريبات دون رعاية خطر، والأفضل أن تصحب الأم طفلها معها في التسوق وأي مكان تخرج إليه"، مشيرة إلى أن تحميل البنت الكبيرة بالمنزل مسؤولية رعاية شقيقها الصغير يسبب لها ضغوطا نفسية على مدى الأيام. وذهبت عهود إلى أنه يجب مراعاة أن تكون البنت التي تقوم برعاية الطفل في غياب أمه كبيرة بالعمر، كي تتفهم واجباتها نحوه، مشيرة إلى أن توفير حاضنات ومؤسسات ترعى أطفال الموظفات وغيرهن يساعد على حل المشكلة.