أخذت الجبيل الصناعية تكتسي حلتها الصفراء الربيعية التي اعتادت عليها كل عام، وبدأت الزهور الصفراء تغطي كافة مساحات الفضاء في المدينة، وسط الأحياء وبمحاذاة الطرق والشوارع الرئيسة والفرعية، كما اتسعت رقعتها لتشمل أجزاءً واسعة من أراضي مصانع البتروكيماويات. لوحة جمالية تؤكد للسكان غزارة وابل الأمطار التي هطلت منذ دخول الشتاء وحتى يوم أمس الخميس. وأخذ بساط من الزهور الصفراء يطوّق الخضرة التي تنتشر في كافة أرجاء المدينة؛ ليمنح عيون ونفوس الناظرين إليه إحساساً بالجمال والراحة التي قلّ أن ترسمها الطبيعة داخل أحياء مدننا وشوارعها، ومقرات العمل بها. حالة من الفرادة تعيشها الجبيل مع الربيع؛ شجعت الأهالي على الخروج والطلعة للبر والتخييم مبكراً قبل بدء عطلة الربيع التي تبدأ بعد أقل من شهر. وأوضح الدكتور محمد بن يسلم شبراق رئيس قسم الأحياء في كلية العلوم بجامعة الطائف ل"الوطن" أمس، أن الزهور الصفراء التي تظهر خلال فصل الربيع نوع من النباتات الحولية تنبت بعد هطول الأمطار خلال فصلي الشتاء والربيع، وبذورها منثورة في الأرض أصلاً، وتعاود الحياة بعد تشبع الأرض التي تحتضنها بالماء. وقال إن هذه الزهور تتميز ببقائها فترة أطول خلال فصل الربيع بالجبيل ، نتيجة عدم تعرضها للرعي، في حين يتسبب الرعي الجائر في بعض المناطق الصحراوية في تكاثر النباتات الرعوية السامة، والحد من تكاثر النباتات الرعوية غير السامة؛ الأمر الذي يدعو مربيي الماشية إلى عدم مباشرة الرعي خلال هذا الشهر حتى تتكاثر النباتات غير السامة مما يهيئ الأرض إلى توفير غذاء غير سام للماشية. ويدلل ظهور هذه النباتات في الجبيل على التوازن البيئي الذي تعيشه، وعدم تأثر التربة أو الأجواء سلبياً بانبعاث الغازات الصناعية في المدينة. وتعتبر هذه الظواهر الطبيعية منظومة مترابطة في البيئة، فظهور هذه النباتات الحولية يعني بالضرورة ظهور حشرات معينة تتغذى عليها، في الوقت الذي يمثل هذا الفصل - بما فيه من تنوع بيئي - موسماً لعودة الطيور المهاجرة إلى بلادها، وخاصة الطيور البحرية مثل الخرشنة التي تعشش في منطقة الخليج للبدء في التكاثر خلال الصيف القادم.