نزول المطر وما يصاحبه من أصوات الرعد، يشكل هاجساً لدى البعض، ويصيبه بالقلق والتوتر الذي لا يفارق صاحبه حتى انتهاء سقوط المطر، دون علم الآخرين من حوله بما يعانيه، مما ينعكس سلبا على تصرفاته وانفعالاته في تلك اللحظات. حيث أكد أخصائي طب نفسي في المستشفى الجامعي التعليمي بالخبر أن نسبة عدد المراجعين للعيادة النفسية وحدها ممن يعانون من "مرض الخوف من المطر" بلغت 10 % من مراجعي المستشفى، وذلك منذ بداية سقوط الأمطار على المنطقة الشرقية خلال الأسابيع الأربعة الماضية. وقال الشاب فهد عبدالرحمن أحد سكان مدينة الدمام، ل"الوطن" أمس، إن "القلق والتوتر يجتاحني عند تشكل السحب في السماء، وأحاول البقاء في المنزل عند سقوط الأمطار، لأن قلقي يزيد حينها، ولا يزول عني حتى ينتهي هطول المطر، دون أن يعلم الآخرون من حولي بذلك، وعندما يُطلب مني عمل أي شي في هذه اللحظات ألاحظ زيادة في انفعالي، ولا أستطيع إلا أن أرفض ذلك الطلب، وأحاول عدم إشعار من حولي بقلقي وخوفي". وأكد أخصائي الطب النفسي في المستشفى الجامعي التعليمي بالخبر الدكتور فيصل القرشي ل"الوطن"، صباح أمس أن نسبة المراجعين للعيادة النفسية بالمستشفى منذ بداية سقوط الأمطار على مدار الأسابيع الأربعة الماضية في المنطقة الشرقية وصلت إلى 10 % من المراجعين، وذلك بسبب الخوف من الرعد والبرق المصاحب للأمطار، مشيرا إلى أن الأطفال ومنهم في سن المراهقة، هم الأكثر مراجعة للعيادات النفسية في هذه الحالات. وقال الدكور القرشي إن: "حالة القلق والتوتر والخوف من المطر، تسمى ب"مرض المطر"، كغيره من الأمراض الشائعة والمعروفة مثل مرض"الأماكن المغلقة"، ومرض "الإزعاج"، والمطر كذلك يدخل ضمن مرض الإزعاج، إذ إن البعض يخاف من البلل من الماء". وأضاف أنه ليس لهذا المرض إلا علاج واحد، هو مجابهة هذه المشكلة بالعزيمة والتحدي، والمواجهة المباشرة لها أثناء هطول المطر أو دخول الماء، وذلك لكسر حاجز الخوف, مشيراً إلى أن الحديث إلى الاستشاري النفسي والاستفادة منه في هذه الحالات يساعد على اجتياز المشكلة. وأكد وجود دراسات أثبتت بشكل استثنائي خوف بعض الأشخاص من أصوات الرعد والبرق لأنها تسبب لهم عدم الأمان وعدم الراحة النفسية، وأيضا بعدهم كل البعد عن الواقع الذي يعيشون فيه وبعدهم عن أهلهم في الغربة، مؤكدا أن الدراسات تختلف بمعدل درجات سقوط المطر في قوته وغزارته، وأن هناك في المقابل أناس يحبون المطر، معتبراً أن الخوف من المطر والماء لدى البشر يعتبر حاله اسثنائية، بحكم أن الحالة السائدة هي حب المطر حتى لو سقط بشكل كبير. وأوضح أن الأطفال الصغار من عمر الشهرين إلى عمر السنة والنصف يخافون من المطر بشكل كبير، وهذه تعتبر حالة طبيعية لدى الأطفال، وأن أكثر الإصابة بمرض "المطر" هم الأطفال ومن هم في سن المراهقة، مشيراً إلى اعتماد هذا على التنشئة منذ الصغر. وأضاف قائلاً إن: "مرض "الأماكن المغلقة" والخوف منها، يرجع إلى عدم تعويد الأطفال على الخروج من المنزل، وهو الحال نفسه بالنسبة للخوف من "المطر" والأماكن العامة، وهذا يعود إلى أن الأسرة لم تعود أو تسمح للأبناء بالخروج من المنزل". وعزا الدكتور القرشي سبب المرض لدى الكبار إلى بعض العادات والتقاليد في بعض الأماكن، إذ إن هناك من يتشاءم من سقوط المطر، قائلا إن أباً وأماً لديهما 4 أبناء يعانون من نفس المرض، كانا يريان أثناء مراجعة العيادة النفسية، أن سقوط المطر في أشهر معينة من السنة يعتبر بالنسبة لهم نقطة سوداء، موضحاً أن علاج هذا المرض وغيره من الأمراض كالاكتئاب وعدم القدرة على التعبير الشخصي، يتم بعدد من الجلسات لدى الاستشاري النفسي، فالتحدث إلى الاستشاري نقطة مهمة جدا لعلاج مثل هذه الحالات، وهو الأضمن والأسلم والأسرع لتفادي العلاج بالأدوية، والمشاكل الكبيرة التي قد يعاني منها المريض في هذا الجانب.