يعد الترفيه في أي مجتمع من السلوكيات التي تُدخل الفرح والسرور على النفس البشرية عن طريق مزاولة أنشطة متنوعة، بحيث تكون باختيار أفراد المجتمع وليست بإجبارية عليهم من حيث الذهاب لها والاستمتاع بها. والأصل أن كل ما يُدخِل السرور على النفس البشرية مُباح، إلا ما ثبت في الشرع تحريمه، وقد بين الشرع مدى أهمية أن يروِّح الإنسان عن نفسه، خصوصا حينما يكون روتين الحياة لدى الإنسان مملا ومتكررا من حيث القيام بالمهام والواجبات اليومية، فيحتاج الإنسان هنا إلى كسر حاجز الجمود بشيء من السلوكيات التي تُشعِره بالترفيه والبهجة. فقد روي عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: (كنت في سفرٍ مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسابقته فسبقته على رجلي، فلما حملت اللحم سابقته فسبقني، فقال صلى الله عليه وسلم: هذه بتلك). كما روي عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت (والله لقد رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقوم على باب حجرتي والحبشة يلعبون بحرابهم في مسجد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ويسترني بردائه لكي أنظر إلى لعبهم، ثم يقوم من أجلي حتى أكون أنا التي أنصرف، فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن الحريصة على اللهو)، وفي رواية المسند ورد قول النبي -صلى الله عليه وسلم- في آخر الحديث: (لتعلم اليهود أن في ديننا فسحة، وإني أُرسلت بالحنيفية السمحة). وقد تم إنشاء هيئة الترفيه في المملكة في 30/ 7/ 1437 التي تهدف إلى تنظيم وتنمية قطاع الترفيه وإدخال البهجة على المواطنين والمقيمين، وإيجاد فرص ترفيهية متكاملة تجمع بين التمسك بعاداتنا وتقاليدنا البناءة والتوافق مع المعايير العالمية، وتُنوع مصادر الاقتصاد المحلي، ورفع نسبة الاستثمارات الأجنبية، وتوليد فرص توظيفية لأبناء وبنات الوطن. وقد أعلن المستشار تركي آل الشيخ رئيس الهيئة في 16/ 5/ 1440 عن إستراتيجية الهيئة العامة للترفيه، والتي تضمنت مجموعة كبيرة من المبادرات والمسابقات والفعاليات المتنوعة الاهتمامات. وسأضع هنا مجموعة من المقترحات التي من شأنها دعم أهداف الهيئة العام للترفيه، وهي: أولا: تكوين فرقة شعبية تحمل مُسمى (فرقة التراث الشعبي السعودي) لتحيي عروضا تراثية في مختلف مناطق المملكة، بحيث يوجد بداخلها مجموعة من الفِرَق التي تُمثل أشهر الرقصات الشعبية لدينا، مثل: العرضة النجدية، السامري، الدحة، الخطوة، المزمار... إلخ. ثانيا: الاستفادة من المواهب المتنوعة لدى الشباب والفتيات السعوديين كالعرض الضوئي والمشهد الصامت الهادف والرسم بالرمل... إلخ، ليتم عرضها على أفراد المجتمع في مسارح مخصصة في مختلف مناطق المملكة، ثم يتم إنشاء أكاديمية لتدريب من يرغب من أفراد المجتمع في إتقان هذه المواهب. ثالثا: التنسيق مع وزارة الشؤون البلدية والقروية لزيادة عدد الحدائق العامة في مختلف مناطق المملكة، والتي تمتاز بمسطحات خضراء شاسعة ومجموعة من الفعاليات الترفيهية المتنوعة، بحيث يكون هنالك تناسب بين عدد السكان في المدينة مع عدد وحجم الحدائق بها. رابعا: التنسيق مع وزارة التعليم للاستفادة من بعض المدارس والجامعات التي توجد بها صالات رياضية مجهزة لكي يلجأ لها بعض الشباب والفتيات الذين يودون ممارسة أنشطة رياضية للجمع بين الصحة والمتعة. خامسا: الاتفاق مع فِرق سيرك عالمية لإحياء عروض السيرك أمام أفراد المجتمع في صالات ومعارض مخصصة، بحيث يتم تدويرهم على مختلف المناطق. سادسا: إنشاء أكاديميات رياضية لنجوم الكرة السعودية ممن خلدوا أسماءهم بين الجماهير لسنوات مليئة بالحماس الكروي والإبداع، فامتلكوا شعبية جماهيرية واسعة بين أفراد المجتمع، أمثال: ماجد عبدالله، فهد الهريفي، يوسف الثنيان، سامي الجابر، فؤاد أنور، محمد نور... إلخ، بحيث يتم السماح لأفراد المجتمع بالاشتراك في الأكاديمية التابعة للاعب المُفضل لديه، للاستفادة من موهبته الكروية. سابعا: إنشاء أندية خاصة لتعليم أفراد المجتمع ركوب الخيل والرماية والسباحة، خصوصا أن هذه الرياضات كان يؤديها الصحابة في عهد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ويحثون الآخرين على تعليمها لأولادهم، كما أن الملك عبدالعزيز آل سعود -طيب الله ثراه- وحّد ربوع الوطن وهو راكب على ظهر الخيل. ثامنا: إنشاء مكتبات متجولة على عربات (سيارات) لتستقر في أماكن محددة على جوانب الطرقات، بحيث يستطيع أفراد المجتمع أخذ ما يلزمهم منها للقراءة وتثقيف النفس، فالقراءة تنير بصيرة الفرد لفعل السلوك الحسن في المجتمع. تاسعا: التعاقد مع كُبرى الشركات العالمية في مجال الألعاب الترفيهية مثل: ديزني لاند، يونيفرسال... إلخ، لإنشاء مُدن ترفيهية متكاملة تضم (ألعابا وحدائق ومقاهي ومطعما ومتاجر) في مناطق مختلفة من المملكة. عاشرا: أن يكون سعر الدخول لأي فعاليات أو أنشطة ترفيهية رمزيا مقدورا عليه من قبل أفراد المجتمع عند الدخول، لكي لا تكون هناك مشقة على رب الأسرة، خصوصا عندما يكون عدد أفراد أسرته كبيرا.