عَبَر قرار السماح للمرأة بقيادة السيارة مراحل تشريعية وتنظيمية عدة حتى خرج كحزمة متكاملة، ذلك لضمان حقوق قائدات المركبات في المقام الأول، ثم أمن وسلامة الطرق تاليا، فقد تُحدّث أنظمة السير وتُستحدث أخرى بمقتضى الحال. ولا شك أن يوم تدشين قيادة المرأة للسيارة هو يوم تحول تاريخي بالسعودية. فهو حدث غير مسبوق في بلدي، لكنه قد أضحى مألوفا لدى معظم فئات الشعب السعودي، لكون الجميع قد شاهد المرأة خلف مقود السيارة، سواء خارج البلاد أو خلف الشاشات على أقل تقدير. لذلك قد يكون لافتا لدى البعض لفترة، ثم يعود مألوفا كغيره من التحولات التي طرأت على المجتمع السعودي منذ حقبة (العاصوف) في التسعينات الهجرية وإلى يومنا هذا. ولكن من التحديات التي قد تواجههن سلوك الموظف الذي يخرج من بيته للدوام متأخرا ليلحق البصمة في الموعد. وهو مشهد مؤذٍ، وتحدٍّ يومي في شوارعنا، غالبا ينتهي -للأسف- بحوادث مروعة. فكيف سيكون التعامل مع أزمة السير وخنقة الشوارع. قيادة المركبات في السعودية تشبه إلى حد كبير السير في شوارع مصر، ولبنان، وتركيا والهند واليمن ونحوها.. فيمكن لذوات الخبرة تجاوز المرحلة الأولى بنجاح ومساعدة المستجدات. إننا نراهن في نجاح تنفيذ القرار على سلوكيات المرأة السعودية، ووعيها للثقة والمسؤولية.. كما نراهن على تطوُّر تخطيط المدن وجودة هندسة الطرق، إلى جانب خطط السير وإمكانات المرور وقوانينه. ومن المهم أن تتدرب قائدات السيارات من الآن على إدارة مزاجها، والتكيف مع مختلف التحديات. والتساؤل هنا: كيف نحوّل التحديات إلى فرص؟ إيجابيات كثيرة وفرص عمل أتوقع ولادتها من رحم قرار قيادة المرأة للسيارة.. فرص ناعمة وأخرى شبه خشنة: أولا: لن تطول نظرة استغراب الناس لامرأة خلف مقود السائق، بل ستذوب مع الأيام سريعا. ثانيا: قد يشهد سوق السطحات والرافعات وورش السمكرة، ومحلات بيع الزينة وقطع الغيار أيضا، مسارات عمل جديدة للفتيات. ثالثا: سوف تتزايد فرص البيع والتسويق الإلكتروني لمنتجات السيارات مع نشأة سوق لسائقات خدمة توصيل الطلبات للمنازل، والنقل لاحقا. رابعا: أتوقع انتشار المواقف العامة الرأسية المتحركة متعددة الأدوار في الساحات العامة ومواقع العمل، لأنها من التحديات المؤكدة بقوة. هناك العديد من الفرص الاستثمارية المتوقعة أيضا في سوق ناشئة كعالم السيدات للسيارات، وتبقى تهديدات السيارات ذاتية القيادة شبحا يطارد تجار السيارات التقليدية.. فموعدنا ما بعد 2020.