يشتد الألم على أحد مواطني هذه البلاد، ولم يعد قادرا على تحمل وخزات الموت التي تتنقل بين أحشائه الداخلية، فيصرخ ويستنجد بكل من حوله بأبنائه وبناته وزوجته لا يهم أيا كان، وينقل على وجه السرعة لطوارئ مستشفى عسير المركزي وكل أمنياته تسابقه للعيش دقيقة أخرى يستمتع فيها بمشاهدة زوجته وأبنائه وبناته يقفون بجانب جسده الذي تسيل منه دماؤه الحمراء فيستغيثون بكافة أطباء قسم الطوارئ، يتردد الجميع ويعقدون اجتماعات طارئة بدون فائدة تذكر فيقرر أحدهم تنويمه ويعترض آخر على ذلك ويبقى ذلك المريض ينزف دما بقسم الطوارئ من بطنه وتتضاءل فرصه في الحياة، وتتدخل الواسطات من كل حدب وصوب لنقل هذا المريض لقسم العناية الوسطى، والتي هي بمثابة مقبرة الأحياء فيتحجج كافة أطباء مستشفى عسير بحجة مضحكة ومبكية في نفس الوقت بوجود جرثومة بهذا القسم ولا يمكن نقل هذا المريض الذي بدأت روحه تنادي خالقها ويبقى الحال على ما هو عليه مغذيات وسوائل لخمسة أيام تجرع من خلالها ذلك المريض بقسم الطوارئ كافة أنواع العذاب والحسرة، وحرم حتى من قطرة ماء طلبها وتمناها من أبنائه تبرد على قلبه قبل فراق أحبته، وانتقلت روحه إلى خالقها فوق سرير الطوارئ الذي صمم أساسا لاستقبال الحالات الطارئة. لخمسة أيام ودموع زوجته وأبنائه وبناته تنهمر على خدودهم والحسرة تعصر قلوبهم، وهم يشاهدونه ينزف دما حتى لفظ أنفاسه الأخيرة دون تحرك من طبيب ولا تدخل من مغيث ولا نجدة من قريب. رحمك الله يا من تحملت مباضع ومشارط ومقصات أطباء الزمن الحاضر، فدعوتي لكافة شرائح المجتمع بتلاوة فاتحة الكتاب على حال وزارة الصحة وجميع منسوبيها ومستشفياتها.