لم تعد أتمتة الخدمات المقدمة للمواطنين والمواطنات، خاصة من القطاعات الحكومية مجرد خيار مرهون بالموافقة عليها من عدمها، بل أصبحت إحدى القرارات الإستراتيجية التي ترتفع إلى مستوى «الضرورة واللزوم» في ظل طموحات الرؤية السعودية 2030، وتسارعها المطرد نحو التحول الرقمي. ونظرة المملكة للأتمتة (استخدام الكمبيوتر والأجهزة المبنية على المعالجات أو المتحكمات والبرمجيات في مختلف القطاعات الصناعية والتجارية والخدمية من أجل تأمين سير الإجراءات والأعمال بشكل آلي دقيق وسليم وبأقل خطأ ممكن)، ورقمنة الخدمات تعتبر «اعتبارية»، فأنشأت من أجلها في 2017 وبأمر ملكي «وحدة التحول الرقمي»، وهي جهة مستقلة تعمل على قيادة وتمكين عملية التحول الرقمي في المملكة، وتحقيق أهداف رؤية 2030 من خلال التوجيه الإستراتيجي، وتقديم الخبرة والإشراف عبر التعاون المشترك مع القطاعين العام والخاص، للارتقاء بمكانة البلاد، ولتكون من بين مصاف الدول المتطورة رقمياً من خلال تنمية اقتصادية مستدامة تعتمد على تعزيز قيم ومفاهيم الابتكار. ومن القطاعات الجيوإستراتيجية المعنية بضرورة «التحول الرقمي المباشر وغير المباشر» في السعودية، ما يرتبط برقمنة خدمات «التمويل العقاري والإسكان»، لكونه قطاعًا حيويًا يستهدف مئات الآلاف من المواطنين. خلال الأسبوع الماضي شدني ما جاء خلال إحدى مناقشات «مؤتمر تمويل الإسكان بالمملكة»، والذي نظمه صندوق التنمية العقارية، حيث تم التركيز على أهمية التحولات الرقمية والأتمتة في برامج التمويل العقاري، وعلاقتها بتحقيق مستهدفات «برنامج الإسكان»، وزيادة تملك السعوديين لمنازلهم إلى 60% بنهاية 2020. أكثر ما لفت انتباهي في عملية «التحولات الرقمية» للصندوق العقاري، إطلاقه قنوات متعددة تخدم المستفيدين، فخطته في 2019 تدشين 16 فرعًا ذكيًا بنهاية العام، فالمستفيد لن يحتاج إلى معاينة المشاريع السكنية، ويمكنه الاستفادة من الغرفة التفاعلية داخل هذا الفرع، مستعرضًا مشاريع وزارة الإسكان للبيع على الخارطة، عبر تقنية الواقع الافتراضي (VR) التخيلي ثلاثي الأبعاد. جانب آخر من الخدمات الرقمية التي أعتقد كقارئ - ولا أدعى التخصصية- أنها بالغة الأهمية، هي خدمة تقديم التوصيات في تحديد عمليات شراء مستفيدي صندوق التنمية العقارية للوحدات السكنية، عبر تطبيق «المستشار العقاري»، الذي يقدم لهم أفضل عروض تمويلية مقدمة من الجهات المشاركة في برنامج «القرض العقاري». ما أعتقده في المحصلة النهائية أن التحول الرقمي، أصبح ضرورة، للمساعدة في حلحلة كثير من الإشكالات العامة والخاصة، وأجزم أنها إحدى حلول تحديات الإسكان في المملكة، حيث ستقوم بدور رئيسي في تسويق المنتجات السكنية وارتفاع حصة التمويل العقاري، من خلال تحوّل رقمي يتسم برقمنة القطاعات والبيانات المفتوحة، وتحقيق الابتكار في الخدمات، بطريقة سلسة وسهلة توفر المزيد من الجهد والوقت والمال على المستفيدين.