رجح مراقبون وجود أيد تركية خلف الهجوم الذي شنه «داعش» -مساء الأحد- ضد قوات سورية الديمقراطية، وأسفر عن مقتل 32 شخصا، مستندين إلى أن أنقرة هي المستفيد الوحيد من هذا التحرك، لإثبات خطأ الانسحاب الأميركي الذي خلف فراغا في سورية، لم تنجح تركيا في استثماره في ظل مزاحمة بقية الأطراف على ملئه. تحركات مريبة التحرك الجديد يقصد إثبات خطأ الانسحاب الأميركي ملء فراغ الانسحاب يغير قواعد اللعبة في سورية
«داعش» ينبعث من السكون ويهاجم «قسد» أنقرة تخشى من تفاهم «قسد» مع النظام السوري مما يقيد حركتها
بعد فترة طويلة من السبات، وصلت حد الاقتناع بأن ما يسمى «داعش» قد انهار في سورية، وبات حضوره مثل عدمه، جاء تحركه الأخير، مساء أول من أمس، حيث قتل عشرات المقاتلين في هجمات مضادة دامية شنّها ضد قوات سورية الديمقراطية «قسد»، تحالف فصائل عربية-كردية، شرق سورية، ليعلن أنه ما يزال موجودا، وما زال يتحرك على الأرض. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس، إن الهجمات المضادة التي أطلقها «داعش» مستفيدا من عاصفة رملية وسوء الأحوال الجوية، أدت إلى مقتل 23 مقاتلا من قوات سورية الديمقراطية، بينما قتل 9 من عناصر «داعش» عند شنهم هذه الهجمات. وحصلت الهجمات على 3 محاور بشكل متزامن. استخدام أميركي وكانت أميركا قد دعمت مقاتلي «قسد» بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة وبالمعلومات والتدريب واستخدمتهم في قتال داعش الذي استفحلت قوته في سورية والعراق، قبل أن يتعرض لهجمات ضارية أدت إلى تقليص المساحة التي كان يسيطر عليها في البلدين، إضافة لطرده من آخر معاقله في الموصل العراقية، لينحصر في مساحة ضيقة شرق الفرات في سورية. ومع تضييق الخناق عليه، وشل قدرته حسب التعبير الأميركي، أعلنت الولاياتالمتحدة عن سحب قواتها في سورية، مؤكدة أن قواتها البالغ عددها 2500 جندي في سورية أنجزت مهمتها، وهي إبادة الإرهابيين.
خلط الأوراق
خلق الانسحاب الأميركي المتسارع والمفاجئ واقعا جديدا في سورية، حيث تتنافس أطراف عدة لملء الفراغ الذي خلفه، وهو ما برر ذلك السعي المتسارع من الرئيس الإيراني حسن روحاني وذهابه إلى أنقرة، في 20 ديسمبر الماضي، ولقاءه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لبحث مستجدات الأوضاع بعد يوم واحد فقط من قرار ترمب سحب قواته.
رواج وفي وقت اعتقد البعض أن ثمة تنسيقا أميركيا تركيا يقتضي أن تملأ تركيا الفراغ شرق الفرات، وأن تواصل أنقرة حسب مكالمة هاتفية بين ترمب ونظيره التركي رجب طيب أردوغان، «مكافحة الإرهابيين»، وهو ما ترجم بحشد تركي على الحدود السورية، مع زعم هجوم وشيك في منبج السورية، تنبه أرودغان إلى مخاطر الأمر وإمكانية صدامه مع المتحالفين في سورية (روسياوإيران والنظام السوري) فقرر التريث في الهجوم، بحجة «الانتظار قليلا بناء على طلب من واشنطن». التحرك المباغت وفي وقت تأجل فيه التدخل التركي على الأرض، بدأ قوات قسد تتمدد في الشمال السوري، وأعلن النظام السوري أنه سيملأ الفراغ في منبج، ووجدت تركيا نفسها عارية، وأن أطرافا أخرى بدأت تحتل الفراغ على الرغم من التفاهمات مع أميركا، وهو ما دفع أنقرة إلى توجيه داعش لشن هجوم الأحد، لتؤكد خطأ القرار الأميركي بالانسحاب، وأن قوات قسد غير قادرة على إيقاف مد داعش.
مخاوف تخوفت تركيا من دخولها السريع لتوسيع نفوذها في سورية وسد فراغ الانسحاب الأميركي خشية الاصطدام مع روسيا وحلفائها سواء من إيران أو النظام السوري الذين يضغطون لمنع أنقره من التوسع في سورية. ولأن تركيا تخشى من اتفاق بين قسد ونظام الأسد يتيح للأخير دخول كافة مناطق الأكراد، ويعرقل بالتالي توغل الجيش التركي فيها، يبدو من المنطق قبول فكرة أنها حركت داعش لضرب إمكانية هذا الاتفاق، وللتأكيد أن داعش ما يزال يشكل خطرا، وأنه، مع قسد، ما زالا تهديدا إرهابيا قد يطال حدودها الجنوبية، ويصبح أكثر خطورة إذا ما وصلت أسلحته ومقاتلوه لتقاتل إلى جانب قوات ال»بي كا كا» داخل تركيا.
نفي وحتى تتجنب تركيا حرج الإخلال بالتنسيق مع أميركا والترتيب للانسحاب، وبالتالي كشف الغطاء عن قسد، وتعريضه للخطر، جاءت تصريحات الناطق باسم الرئاسة الأميركية إبراهيم كالين، أمس، لتنفي أن يكون أردوغان تعهد لدى نظيره الأميركي دونالد ترمب «بحماية» المقاتلين الأكراد في سورية، كما أعلن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو. وقال كالين «فيما يتعلق بتصريحات بومبيو، من غير الوارد على الإطلاق أن تكون مثل هذه الضمانة أعطيت خلال محادثات (بين أردوغان وترمب) أو عبر قنوات أخرى».
تحركات مريبة داعش ينبعث من السكون ويهاجم قسد تحرك داعش يحقق المصالح التركية
التحرك الجديد يقصد إثبات خطأ الانسحاب الأميركي ملء فراغ الانسحاب يغير قواعد اللعبة في سورية أنقرة تخشى من تفاهم قسد مع النظام السوري مما يقيد حركتها