بندر السنيدي ساقني القدر إلى أن أعيش أسبوعا بالقرب من الحرم المكي الشريف لأداء مناسك العمرة، مع والدتي حصة محمد الحسون -حفظها الله- تحت ضيافة أخوالي، قضيت أسبوعا جميلا، تخللته أيضا زيارة الحرم المدني، في طريق عودتنا إلى القصيم مقر سكن والدتي -حفظها الله- وجعلها تتمتع بصحة وعافية، «وجعلي ما أذوق حزنها» كما يقول كبار السن في نجد. كانت وجبة الإفطار متاحة كل صباح في الفندق بمكة، ولفت نظري شيء محزن ومؤسف، وهو الإسراف في اختيار بعض ساكني الفندق من مختلف الجنسيات للأكل، وكأن الموضوع نوع من الانتقام مقابل ما دفعه للسكن في الفندق. تزخر وسائل التواصل الاجتماعي -بجميع فئاتها وطرقها في النشر- بمقاطع ونصائح للحد من الإسراف في النعمة، والتحفظ على النعم التي أنعم الله علينا بها، من باب قوله تعالى: «لئن شكرتم لأزيدنكم»، وقوله: «وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ». ما يحصل من إسراف في تجميع وجبة الإفطار، لفت انتباه حتى الصغار، منهم ابنتي صبا ذات ال10 سنوات، التي لاحظت عائله تختار من الأكل ما يزيد على حاجتها في أكثر من موقف. يتبع ذلك، قدوم عامل النظافة ورمي ما تبقى من أكل في سلة المهملات، وهو أكل نظيف لم تمسه اليد، ومنه على سبيل المثال لا الحصر البيض المسلوق. رَمْيُ عامل النظافة تلك الوجبات لافت للانتباه حتى لصغار السن. الموقف الجميل من ابنتي، هو أنها لم تتحمل كل ذلك، من تلك العائلة الآنف ذكرها، فقررت مناصحتهم بدفعة مني، فتوجهت وقدمت النصيحة، والحق يقال أن تلك العائلة قبلت النصيحة وشكرت ابنتي، وهو درس جميل تعلمت منه ابنتي الصغيرة الحفاظ على النعمة، من باب شكر الله عز وجل عليها، ليديمها الله علينا. الغريب واللافت للنظر -أيضا- هو انعدام اللافتات في أماكن تناول وجبة الفطور التي تدعو إلى ترشيد الاستهلاك، وهو أقل ما يمكن عمله تجاه الظاهرة المقززة التي لا تتوافق معنا كمسلمين، إذ أمرنا الله بعدم الإسراف. رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أوصانا ألا نأكل كل ما تشتهيه الأنفس، فقد روي عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «من الإسراف أن تأكل ما اشتهيت» رواه ابن ماجة. وذلك من باب الحفاظ على صحة أبداننا، فما بالك بالتبذير في نعم الله التي أغدق علينا بها. وليكن التقشف في الأكل وعدم الإسراف بابا من أبواب بقاء تلك النعم التي أنعم الله بها علينا.