في الوقت الذي يرتبط فيه الشتاء في أذهان البعض بالرومانسية، والسير تحت المطر والجليد المتساقط يرى البعض أن الشتاء مصدر لكبت الذات، واختفاء المرح والانطلاق الذي يتمتع به البعض خلال الصيف. يقول غالب عسيري (طالب جامعي) "في الشتاء ينتابني شعور بالضيق، خاصة حين قدوم ساعات الليل التي يعمها السكون خلال الشتاء، وتزداد فيها الأجواء برودة، ويشعر الأشخاص بالوحدة، وعدم القدرة على التواصل مع الآخرين بسبب عائق البرد، لافتا إلى أن هذه الكآبة تؤثر إلى درجة كبيرة على أدائه الدراسي، ورغبته في الذهاب للكلية، والاستذكار، وحتى شهيته للطعام. وتضيف تهاني الشهراني (ربة منزل) أنها تلحظ خلال الشتاء قلة رغبتها في الإقبال على الحياة والمرح، كما هي عادتها في الفصول الأخرى من السنة، وتكثر لديها الوساوس والقلق والتوتر بصورة كبيرة خلاله، فيما تخف لديها هذه الأعراض حال قيامها بالاسترخاء . ومن جانبه يقول استشاري الطب النفسي الإكلينيكي الدكتور وليد الزهراني إن "تبدل محور أقطاب الأرض يؤثر في معادن الجسم، وبالتالي التفاعلات الكيميائية في الدماغ، فحين يعود الشتاء بنهاره القصير البارد والممطر وبليله الطويل حالك الظلام وشديد البرودة يكون للبعض سبب لاختفاء المرح والانطلاق والإجازات التي يتمتع بها الكثيرون خلال الصيف، ولذلك ارتبط هذا الشهر بالكسل والكآبة والإحباط، لافتا إلى أن الأطباء النفسيين يطلقون على هذا النوع من الاكتئاب المصاحب للشتاء ب"الشتاء الأزرق"، ويعود سبب هذا الاكتئاب إما للتأثر بعوامل وراثية، أو بسبب وجود استعداد نفسي لدى هؤلاء الأشخاص للتعرض لهذا الاكتئاب. ولفت إلى أنه ليس كل شعور بالكآبة يعني اكتئابا، فجميعنا نشعر بتغير المزاج بدرجة بسيطة مع تغير الفصول، أما الاكتئاب الدوري أو الاضطرابات الوجدانية الموسمية، فيتحول فيها المريض لشخص مضطرب المزاج يشعر بالضيق والاختناق باستمرار، فتضطرب علاقاته الاجتماعية وينسحب من الحياة، ولا يرغب في الذهاب للعمل أو الدراسة، وهنا قد يعود السبب للوراثة نتيجة خلل في بعض الناقلات الكيميائية بمناطق معينة من المخ، وتبدأ في سن العشرين أو الثلاثين، وتقل كثيرا في الصغار. وعن أعراض كآبة الشتاء بين الدكتور الزهراني أنها تكمن في اضطراب الشهية وخاصة اشتهاء الأطعمة الحلوة والنشوية، وزيادة الوزن عن المعتاد، وتراجع في مستويات الطاقة، والشعور بالصداع والإعياء، وزيادة فترات النوم، وصعوبة التركيز، والقلق والتوتر، وفقدان الاهتمام بالنشاطات المختلفة. وعن السبل المساهمة في تخفيف التعرض لاكتئاب الشتاء بين الدكتور الزهراني أن التمارين والرياضة بشكل عام تقع في مقدمة السبل المساعدة في تخفيف احتمالية التعرض لهذا النوع من الاكتئاب، ومن ثم ضرورة التعرض للشمس وزيارة الأصدقاء، كما أن الزواج للعزاب خلال الشتاء له فوائد كبيرة لمن يعانون من الاكتئاب، إلى جانب الإكثار من تناول الأطعمة المحتوية على الأوميجا3 والمتواجدة بكثرة في الأسماك.