سؤال لا ينفك يتردد على ألسنة الكثيرين، مستغربين ومستفهمين عن السبب الذي يؤخر أن يكون مركز "شدا" الأسفل، التابع لمحافظة "المخواة"، معلم جذب سياحي، رغم جمال طبيعته الخلابة، والذي يؤهله لأن يكون وجهة سياحية للاستجمام والراحة، والجولات بين المعالم التراثية والتاريخية المميزة. كهوف ومنتجعات أحمد الزهراني، الذي جذبه جمال المكان، اعتبر موقع "شدا" الأسفل مركزا سياحيا "بكرا"، حيث "لم ينشأ على أرضه أي مشروع بعد، ولم تشحذ همم رجال الأعمال إليه"، مبينا أنه رغم ذلك "استطاع المواطنون هناك أن يستغلوا الكهوف الكبيرة، التي كان ينحصر استخدامها في الماضي، في الدخول إليها عند هطول الأمطار، أو لتخزين الحبوب والأعلاف، ليطوعوها بعمل إبداعي فريد، و تطويع صخور الجرانيت، وخلق الجديد المبتكر من الأشكال الفنية لهذه التشكيلات الصخرية الطبيعية، وجعلها للسكن، والانتفاع بأشكالها المحفورة، ليس فقط كلوحات فنية معبرة، بل إن هناك منازل داخل الكهوف، مأهولة بالسكان حتى اليوم". وهو الأمر الذي أكده أيضا عبدالله صعبان، قائلا إن "أهالي جبل شدا الأسفل، وانطلاقا من أهمية استثمار الكهوف الطبيعية داخل الجبال، والصخور الكبيرة، قاموا بتحويل عدد من الكهوف إلى غرفة خاصة، للاستفادة منها لأغراض متنوعة، كمنتجع سكني، تحتوي مجلسا مميزا، يطل على أجزاء واسعة من المحافظة". خدمات وبرامج توفير الخدمات للرواد، أمر اعتبره فيصل وازع، تحركا من شأنه جذب المزيد من السياح، داعيا إلى "تنفيذ مشروع محطة عربات التلفريك، يربط بين جبل شدا ومحافظة المخواة، التي تشهد إقبالا كبيرا من السياح والزوار، من داخل وخارج المنطقة، طوال العام"، معتقدا أن مشروعا كهذا سيكون مؤثرا، خصوصا "في ظل وعورة الطرق المؤدية إلى الجبل، الذي يتميز بالهواء العليل، والهدوء، والمناظر الخلابة". ويرى عادل الغامدي أنه بالإمكان استحداث برامج سياحية عدة، مع ملاحظة أن "طبيعة الجبل سوف تسهم بشكل كبير في إقامة الكثير من المهرجانات والبرامج، والمسابقات المتنوعة، سواء مسابقة تسلق الجبال والتحمل، أو سيارات الدفع الرباعي، وغير ذلك مما يسهم في دعم السياحة الداخلية". مقصد للهواة هذه الطبيعة "البكر" بحسب المصور الفوتوجرافي، مشرف العمري، جذبت الكثير من هواة التصوير، الذين يعتبرون "الكهوف والغارات في جبل شدا، واحدة من أجمل وأروع المناطق السياحية الطبيعية، وصيرتها مقصدا لهواة الاستكشاف والبحث في أعالي الجبال، لما يجدونه من متعة في رؤية تلك الحجرات السوداء، والمتاهات المعقدة، المليئة بأشكال غريبة، ذات جمال مبهر". تنوع نباتي هذه الجاذبية للجبل لم تأت من فراغ، لولا احتضانه لبيئة متعددة من النباتات، والتي يتحدث عنها أحد أهالي المنطقة، وهو محمد صالح الغامدي، شارحا أن"جبل شدا يحظى بتنوع نباتي فريد، ويعتبر واحدا من أغنى المناطق النباتية في المملكة. حيث يحوي بين صخوره أكثر من ثلثي التنوع النباتي في المملكة. فهناك الكثير من النباتات البخورية والعطرية، التي تنتشر على قممه، وفي جنباته، لاسيما في قرية الأشراف، أعلى الجبل، لذا فإن أهالي جبل شدا لا يغفلون عن الاستفادة من هذه النباتات العطرية، والأشجار البخورية، أو أنواع الطيوب، فيه فهناك من يستخلص بعض الطيوب والبخور من بعض الأشجار، ويستخدمها في تبخير منزله". أشجار نادرة الغامدي الذي لا يخفي إعجابه بطبيعة المكان، يضيف في شرحه لنا، قائلا "يوجد في جبل شدا أشجار ذات قيمة كبيرة وأهمية عند أهالي الجبل، ومنها أشجار العرعر والعلك. فالعلك مثلا شجر يحرص الناس هنا على الحفاظ عليه، لأنه شجر نادر، وفوائده كبيرة، وكذلك شجرة الخزم أو (دم الأخوين)، وهي من الأشجار النادرة والمعمرة". تطوير قادم من جهته، أوضح المدير التنفيذي لجهاز تنمية السياحة بمنطقة الباحة، الدكتور محمد بن تركي ملة، أن رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، الأمير سلطان بن سلمان قد "وجه الإدارة المعنية بتطوير وتهيئة المواقع السياحية واستثمارها بالأمانة العامة، مطلع العام الحالي، لزيارة الموقع ورفع تقرير مفصل عنه. وقد خلص التقرير إلى أن الموقع يعد من أكثر المواقع القابلة للتطوير السياحي، وهو بحاجة إلى توفر عدد من المقومات الأساسية، والتي أهمها الانتهاء من الطريق الموصل للموقع". موضحا أنه "بعد ذلك سوف تبدأ الهيئة في أعمال المسح الميداني الشامل للموقع، ومن ثم اقتراح برنامج التطوير بشكل عام، شاملاً برامج التدريب والتهيئة للمجتمعات المحلية، بما يوفر تجربة سياحية متكاملة ذات طابع مميز للزوار". مؤكدا أن "جهاز تنمية السياحة بمنطقة الباحة يسعى إلى أن تتم برامج التطوير للمواقع السياحية بالمنطقة، تحت مظلة مجلس التنمية السياحية ،ومتوافقة مع الهوية السياحية المعتمدة للمنطقة". دور رجال الأعمال التطوير المرتقب من المفترض أن يشارك به رجال الأعمال حيث بين أمين الغرفة التجارية بمحافظة المخواة، عبدالله بن محمد الزهراني، أن "الغرفة تقوم حالياً بإعداد الدراسات الاستثمارية اللازمة، خصوصاً فيما يتعلق بالجانب السياحي، ومن ثم عرضها على رجال الأعمال، ومساندتهم، والوقوف إلى جانبهم، من أجل دفعهم للاستثمار"، مؤكداً أن "الغرفة إيماناً بدورها في جذب الاستثمارات وتشجيعها، تعمل على توفير أرضية كبيرة تساعد القطاع الخاص على القيام بدوره على الوجه الأمثل، من غير صعوبات، وتشجيع رجال الأعمال على الاستثمار في المنطقة". اجتماعات صورية بالرغم من التصور الإيجابي الذي قدمه ملة والزهراني، إلا أن عضو المجلس البلدي بمحافظة المخواة، أحمد عطية الغامدي، كشف عن أن المجلس ناقش كل ما يتعلق بجبل شدا الأسفل واستثماره سياحياً، وتحديد موقع خاص لعمل حديقة ومتنزه، مشيراً إلى أن "الكثير من الاجتماعات والدراسات تظل صورية، في ظل عدم توفر الصلاحيات، والاستجابة من الجهات ذات العلاقة". وفي تعليق له على الموضوع، أبان رئيس بلدية محافظة المخواة، علي الشهري، أن "جبل شدا يقع خارج النطاق العمراني، وتقتصر الخدمة على تقديم النظافة، وتركيب بعض الألعاب والمظلات، وذلك حسب الأولوية، والإمكانات المتاحة للبلدية، وفق الخطة المعدة مسبقاً".