نايف عبوش لاشك أن الحياة مهما كانت سعيدة ومرفهة وآمنة، فإنها لابد أن تكون تحمل في تقلباتها الكثير من المصائب والمتاعب للإنسان. ومن ثم فإن الحياة بتقلباتها بين الخير والشر، والغنى والفقر، والرفعة والذل، والموت والولادة، تشكل في محصلتها مصدر إزعاج ومعاناة للإنسان. فهو لابد له أن يعيش الحالين، ولا يمكن له أن يستقر على حال واحدة طوال مشوار عمره. ففي الوقت الذي يعيش فيه نعمة الصحة والعافية، لابد أن تجده يوماً ما يعاني من آلام وقسوة المرض. كما قد تجده يعاني عوز الفاقة بعد أن كان يوماً ما ينعم برغد الغنى والثراء.. وهكذا.. ولعل هكذا صيرورة محكمة من التناقضات، التي يمكن أن يعيشها الإنسان في حياته في الغالب الأعم، إنما تأتي متوافقة مع القانون الإلهي المركزي الذي لا يتبدل ولا يتغير(كل يوم هو في شأن). ومع المشقة التي يعانيها الإنسان في كده بالحياة، وبالتناسب مع شدة المعاناة التي يعيشها، يلاحظ أن الكثير من الناس يلج في التذمر، ويلفه اليأس، ويعتريه القنوط، حتى إن البعض قد يتكيف للعيش مع عزلة خانقة، تستنزف الكثير من همته، وتقتل فيه روح الأمل والتطلع المؤمن، ومن ثَمَّ الافتقار إلى المبادرة. على أن من لطف الله تعالى بالإنسان، أن جاء نهجه في الإسلام مبنيا على التفاؤل والتطلع، مهما كانت طبيعة الظروف المحيطة بالإنسان. ولعل ما جاء على لسان حال النبي يعقوب عليه السلام وهو في أحلك ظرف في فقده يوسف، يعطي الإنسان جرعة من اليقين التام بتغير الحال إذا ما تم استحضار التطلع المؤمن بالله..( يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون).. وكانت النتيجة الإيجابية في نهاية المطاف معروفة.. كما أن النبي محمد صلى الله كان يقول (يعجبني الفأل الحسن والكلمة الطيبة) في إشارة واضحة إلى التفاؤل المؤمن.. فلم يكن متطيرا أبدا، مع كل قساوة ما تعرض له من المشركين في دعوته لهم إلى الإسلام. وإذا كان الأمر كذلك.. فلا شك أن المطلوب هو أن يتفاءل الإنسان مع حركة الزمن، وألا ييأس مع توالي حركة الأيام بالتداعيات مهما كانت سلبية، وأن يبقى متفائلاً بالأحسن دائماً، تأسيا بالهدي القرآني، والنهج النبوي..(فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا).. فدعونا نتفاءل بحلول العام الميلادي الجديد، فعساه أن يكون عام أمن، وإيمان، وحفظ للأوطان.