فيما لم تتوقف النصائح الدولية والإقليمية لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بهدف حل فصائل الحشد الشعبي التي تتألف من 66 فصيلاً، بينها 50 فصيلاً يعمل تحت إشراف الحرس الثوري الإيراني ومسؤوله في العراق قاسم سليماني، تسود قراءتان سياسيتان في العاصمة العراقية حول علاقة ملف الاضطرابات في إيران مع ملف الحشد الشعبي، ففريق من التحالف الشيعي، يرى أن تعنت الحكومة العراقية لبقاء الحشد سيضر بمصالح العراق، أما القراءة الثانية، فتعتقد أن الاضطرابات في إيران هي فرصة عراقية للتخلص من التدخلات الإيرانية العميقة في الشأن الداخلي العراقي. وكشف مسؤول عسكري عراقي رفيع في تصريحات إلى «الوطن» أن العبادي أعطى تعليمات إلى قيادة الجيش العراقي بأن يحصر الأسلحة الثقيلة التي سلمتها حكومة بغداد إلى فصائل الحشد عندما كانت تؤازر القوات الرسمية في محاربة تنظيم داعش، كما طلب العبادي من قادته العسكريين وضع خطة وتوقيت للتعامل مع ملف الحشد. التحدي السياسي قالت مصادر في لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي ل«الوطن» إن العبادي في وضع صعب للغاية في تنفيذ أي خطة لتسوية ملف فصائل الحشد الشعبي، سيما أنه يريد تأجيل هذه الخطوة إلى ما بعد الانتخابات البرلمانية المقبلة، وتشكيل حكومة عراقية جديدة، مشيرةً إلى أن بعض أعضاء حزبه، حزب الدعوة، حذر العبادي من أنه سيخسر الانتخابات وفرصة ولاية ثانية لرئاسة الحكومة إذا أقدم على حل الحشد قبل الانتخابات وفي خضم المشاكل الداخلية في إيران التي لم يعرف مصيرها لغاية اليوم وإلى أين ستذهب الأمور هناك. وأكدت هذه المصادر البرلمانية العراقية أن العبادي يحاول شرح الظروف غير المناسبة لحلفائه في العالم العربي والتحالف الدولي الذي أمدوه بالدعم في الفترة السابقة بأن أي قرار بحل الحشد في الوقت الراهن سيكون قرارا متسرعاً وسيخدم جهتين سياسيتين هما: ائتلاف دولة القانون برئاسة نوري المالكي وتحالف الحشد الانتخابي برئاسة رئيس منظمة بدر هادي العامري. معطيات مهمة وفق المصادر نفسها، فإن العبادي لم يتبق لديه خيار سوى طلب الدعم من رجل الدين علي السيستاني ومقره مدينة النجف، جنوببغداد، في إصدار هذا الأخير فتوى تنتفي فيها الحاجة إلى فصائل الحشد الشعبي وتبرر حلها بشكل شرعي وليس سياسياً غير أن نواباً من التحالف الشيعي استبعدوا أن يصدر السيستاني مثل هذه الفتوى. واعتبرت هذه المصادر أن حل الحشد هو الخيار الأفضل للعبادي وبسرعة على أن يعمل على عدة معطيات مهمة، وهي: مد الجسور مع الأكراد، والاستفادة من النصر العسكري الذي تحقق في عهده على الإرهاب، وكسب الرأي العام في ضم التيارات السياسية المختلفة إلى معسكره، والتأكيد على أن الحشد يؤسس دولة له داخل الدولة، ورفض تحول مهمة الحشد كما هي مهمة الحرس الثوري في إيران، كذلك التشديد على مخاوف قيام حكم طائفي وتهديد الدولة العراقية الراشدة.